خطبة الجمعة (مشروعية النظر إلى المخطوبة وبيان أن تعطيل ذلك من أسباب الطلاق)

 

خطبة الجمعة (مشروعية النظر إلى المخطوبة وبيان أن تعطيل ذلك من أسباب الطلاق)

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢]

{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٧٠ – ٧١] أَمَّا بَعْدُ: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، أما بعد:

فإن مما لا ريب فيه أن الله الحكيم سبحانه وتعالى لا يشرع شيئاً إلا لحكم بالغة، وإن مما تتجلى فيه حِكَمُ الله البالغة: تشريعه نظر الخاطب للمرأة المخطوبة وإن من هذه الحِكَمِ:

أن الشرع لما أمر النساء بالستر وأوجب عليهن أن يُدنين عليهن من جلابيبهن جعل لعباده مخرجاً باستثناءه النظرة الشرعية لمن أراد الزواج.

ومن الحكم أيضاً: استمرار العلاقة الزوجية بينهما، إذا تم الزواج، حيث أنه تزوجها برغبة منه بعدما رآها واطمأن لها.  ومن الحكم أيضاً: ضمان عدم وقوع الطلاق من جهة جسم المرأة وجمالها.

عباد الله: النظرة الشرعية هي: أن ينظر الرجل إلى المرأة التي يريد الزواج بها، ثم هو بالخيار بعد ذلك بين أن يتزوجها أو يعدل عنها، وهي مشروعة قد أمر بها الله، ورسوله ﷺ، وهذه بعض الأدلة الشرعية في مشروعية النظر إلى المخطوبة، وهي كثيرة واضحة الدلالة، منها:

قوله تعالى: قال تعالى قاصاً خبر الرجل الصالح الذي قال لنبي الله موسى عليه السلام: { قَالَ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَىَّ هَاتَيْنِ } [القصص (27)] قال القرطبي في تفسير الآية: ((فيه عرض الوليّ ابنته على الرجل؛ وهذه سنة قائمة؛ عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن الحسن عرض الرجل وليته، والمرأة نفسها على الرجل الصالح، اقتداء بالسلف الصالح. قال ابن عمر: لما تأيّمت حفصة قال عمر لعثمان: إن شئت أنكحك حفصة بنت عمر؛ الحديث انفرد بإخراجه البخاري.)) [تفسير القرطبي : سورة القصص: ٢٧]

ومن الأدلة أيضاً قوله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة (221)].

وأما الأدلة من السنة فهي أكثر، ومنها: ما ثبت عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا)).

رواه أحمد (١٨١٥٤) ، والترمذي (١٠٨٧) ، وابن ماجة (١٨٦٥) ، وغيرهم ، وصححه الإمام الألباني في [السلسلة الصحيحة حديث رقم (٩٥-٩٦) ]. قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى: ((وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»، أي: أَحْرَى أَنْ تَدُومَ المَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا)).

وزاد الإمام أحمد والبيهقي زيادة في الحديث، وهي قوله رضي الله عنه: " فَأَتَيْتُهَا وَعِنْدَهَا أَبَوَاهَا وَهِيَ فِي خِدْرِهَا ، قَالَ : فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا ، قَالَ : فَسَكَتَا ، قَالَ : فَرَفَعَتِ الْجَارِيَةُ جَانِبَ الْخِدْرِ ، فَقَالَتْ : أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ لَمَا نَظَرْتَ ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْمُرْكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ فَلَا تَنْظُرْ، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجْتُهَا ، قَالَ: فَمَا وَقَعَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ بِمَنْزِلَتِهَا ، وَلَقَدْ تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ -أَوْ بِضْعًا وَسَبْعِينَ- امْرَأَةً". وزاد ابن ماجة في روايته: ((فَفَعَلَ، فَتَزَوَّجَهَا، فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا)).

ومن الأدلة أيضاً على مشروعية نظر الخاطب للمخطوبة: ما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ فَإِنَّ فِي عُيُونِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا)) قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا. رواه مسلم (١٤٢٤).

ومن الأدلة أيضاً: ما ثبت عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا)). رواه أحمد (١٦٠٢٨)، وابن ماجة ، وغيرهم ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة (١٨٦٤) .

 

ومن الأدلة أيضاً: قول النبي ﷺ : ((إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) أخرجه أحمد (٣ / ٣٣٤) وأبو داود (٢٠٨٢) والطحاوي والحاكم والبيهقي وحسنه الألباني في الصحيحة (٩٩).

ومن الأدلة أيضاً: الحديث المتفق عليه عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه (أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ). رواه البخاري (٥٠٣٠) ، ومسلم (١٤٢٥) . ووجه الدلالة أنه لو كان النظر إلى المرأة المراد الزواج منها حراماً لما صعد عليه الصلاة والسلام النظر إليها وصوبه . قال النووي رحمه الله معلقاً على هذا الحديث : ((وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ النَّظَرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَأَمُّلِهِ إِيَّاهَا ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ عَرْضِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ لِيَتَزَوَّجَهَا)). [المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (ج٩ ص٢١٢) ]

ومن الأدلة أيضاً: وعن أبي حميد قال : قال رسول الله ﷺ ((إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ، إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ)) رواه أحمد والبزار والطبراني وغيرهم وصححه الألباني في [الصحيحة: ٩٧] وقال: وقد عمل بهذا الحديث بعض الصحابة وهو محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال سَهْلُ بْن أَبِي حَثْمَةَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يُطَارِدُ ثُبَيْتَةَ بِنْتَ الضَّحَّاكِ فَوْقَ إِجَّارٍ لَهَا بِبَصَرِهِ طَرْدًا شَدِيدًا. فَقُلْتُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: إِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا أُلْقِيَ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا). وجاء في الصحيحين أن النبي ﷺ أراه الله في المنام صورة عائشة رضي الله عنها قبل أن يتزوجها ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: " أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ " رواه البخاري (٣٨٩٥) ومسلم (٢٤٣٨) .

وهذه الأدلة فيها الكفاية لمن كان له قلب عقول. هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم، وصلى الله على محمد وسلم.

الخطبة الثانية: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا بَعْدُ: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، أما بعد:

عباد الله: إنه مع هذه الأدلة الصحيحة الصريحة نرى اليوم مع الأسف الشديد من يستنكر النظرة الشرعية ويرى بعقله القاصر الضعيف عن إدراك المصالح ومقاصد الشريعة أنها عيب ، والعيب فيه حيث زعم أن أمراً شرعياً فيه عيب ، وأنه يخدش الحياء ، ونحو هذا الكلام الباطل الذي لا فائدة ترجى منه ، بل قد يؤدي ذلك إلى تعطيل النصوص الواردة في ذلك ، وما علم المسكين أن النظرة الشرعية فيها مصالح للزوجين ، وأنها سبب في دوام العلاقة الزوجية بينهما كما صرحت به الأحاديث المتقدمة، وأرى أن من أسباب كثرة الطلاق هو عدم تطبيق هذه الأحاديث ، والمتأمل في أحاديث النبي ﷺ في النظرة الشرعية وحثه عليها وأمره بها يدرك نصح النبي ﷺ لأمته ، كما يدرك أهمية النظرة الشرعية وأنها سبب لعدم الافتراق بين الزوجين ، ودوام الحياة الزوجية السعيدة ، وإن عدم فعل بعض الأجداد لها إما لغيرته التي ليست في محلها أو لجهله أو لعصبيةٍ لعادات آبائه لا يدل على أن فيها عيباً وأنها تخدش الحياء كما يزعم بعض الناس. ويرى بعض الناس أن عدم تطبيق أكثر الناس اليوم للنظرة الشرعية هو بسبب بعض المتهورين الذين إذا أتيح لهم أن ينظروا النظرة الشرعية أخذوا يخبرون كل أحد بعيوب المنظور إليها ، فأدى ذلك إلى خوف الناس منها ، وهذا لا يوجب تعطيل هذه السنة ، والحل أن ينظر وليُّ المرأة في حال طالب النظرة الشرعية فإن رآه أهلاً للثقة سمح له بذلك.

وإنما السبب في تعطيل البعض لها في نظري جميع ما ذكر من الكلام حولها ، والذي أدى إلى خوف الناس منها ، لكن على ولي المرأة أن يجتهد في حال طالب النظرة الشرعية وعليه أن يعرف صدقه من عدمه ليزول الخوف ، وليتأكد كلٌ من ولي المرأة والخاطب والمخطوبة أن هذه السنة هي في مصلحة الجميع ،

عباد الله: اعلموا رحمكم الله أن نظر الرجل للمرأة التي يريد الزواج بها، مستحب على الراجح وهو قول جمهور العلماء ، وأما الجواب عن الأحاديث الصريحة بالأمر بها ، فيقال قد جاءت روايات أخرى تصرفها من الوجوب إلى الاستحباب كحديث (( فلا جناح عليه أن ينظر إليها)) وكحديث ((فلا بأس أن ينظر إليها)).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: ((وَالشَّارِعُ قَدْ أَبَاحَ بَلْ أَحَبَّ لَهُ النَّظَرَ إلَى الْمَخْطُوبَةِ وَقَالَ: {إذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ أَحَدِكُمْ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلْيَنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا} . {وَقَالَ لِمَنْ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ: اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا}، وَقَوْلُهُ: {أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا} يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا عَرَفَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ دَامَ الْوُدُّ. وَأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يُعَلِّلْ الرُّؤْيَةَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَهُ النِّكَاحُ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَجِبُ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ بِدُونِهَا)). [مجموع الفتاوى ج٢٩ ص٣٥٤]   واعلموا أنه يجوز للناظر أن ينظر إليها حتى ولو لم تعلم المرأة أو تشعر به، كما صرحت بذلك الأحاديث المذكورة.

اللهم اهدنا وسددنا اللهم وفقنا لما تحبه وترضاه اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا صالحا متقبلا ورزقا طيبا مباركا واسعا اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم إنا نعوذ بك من النفاق والشقاق وسيء الأخلاق، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وجميع المسلمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد والحمد لله رب العالمين.

روابط مباشرة للقراءة وتحميل الخطبة:

بصيغة pdf:

https://t.me/WWWAW/1309

 word:

https://t.me/WWWAW/1308

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيان أن الصحابة كانوا يقولون في تشهد الصلاة (السلام عليك أيها النبي) بصيغة المُخَاطَبة، في حياة النبي ﷺ، وبيان أنهم كانوا يقولون (السلام على النبي) بصيغة: الْغَيْبَةِ، بعد وفاة النبي ﷺ

حَدِيْثُ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ.

خطبة الجمعة (فضل العلم وأهله وفضل النفقة على أهله والحث على طلبه)