حكم حديث: (ما مِن أمَّةٍ إلّا وبعضها في النّارِ وبعضُها في الجنَّةِ إلّا أمَّتي كلُّها في الجنَّةِ)

 ﷽ 

سألني قريب فاضل عن حكم حديث: (ما مِن أمَّةٍ إلّا وبعضها في النّارِ وبعضُها في الجنَّةِ إلّا أمَّتي كلُّها في الجنَّةِ)

فقلت: أخرجه الطبراني في ((المعجم الصغير)) (٦٤٨)، و (المعجم الأوسط) (١٨٣٧)، والخطيب في [(تاريخ بغداد) (ج٤ ص٥١٧)، و (ج١١ ص١٤)، و (ج١٥ ص١٦٢)]، من طريق أبي بكر المروذي أحمد بن محمد بن الحجاج، عن محمد بن نوح، عن إسحاق الأزرق، عن عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعا.

• قال الخطيب البغدادي في ترجمة محمد بن نوح: ( وروى عن إسحاق بن يوسف الأزرق حديثا غريبا)، ثم أورد الحديث بإسناده، ثم قال: (قَالَ لنا البرقاني: بلغني أن محمد بن نوح هذا جار أحمد بن حنبل، وأن أحمد بن حنبل، قَالَ لمن سأله عنه: اكتب عنه فإنه ثقة. قَالَ البرقاني: وَقَالَ الدارقطني: تفرد بهذا الحديث إسحاق الأزرق ولم يحدث به غير محمد بن نوح المضروب، وتفرد به عنه أبو بكر المروذي ...).

انتهى من (تاريخ بغداد ج٤ ص٥١٧ - بتحقيق بشار).


• وقال الذهبي، في (تلخيص العلل المتناهية) (ص ١٠٥): (هؤلاء ثقات، والحديث منكر ، لم يرووه في الكتب الستة). انتهى.


قلت: لا يريد الذهبي أن الأحاديث التي خارج الكتب الستة كلها ضعيفة، وإنما أراد التنبيه أنه لم يخرج فيها، وأما حكمه عليه بالنكارة فيحتمل أن أنكره لأجل التفرد، فقد قال في (الموقظة): (وقد يُعد مفرد الصدوق منكرا) انتهى. 

ويحتمل أنه أنكره لأجل متنه المخالف لحديث رواه البخاري في صحيحه (٧٢٨٠)، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ أَبَى قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَنْ يَأْبَى؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى). 

والمخالف لحديث افتراق الأمة، وغيرها والله أعلم. 


وقد صححه بعض أهل العلم ، وأوله بعضهم فقالوا: المراد بالأمة هنا: من اقتدى به كما ينبغي، واختصاصهم من بين الأمم بعناية الله ورحمته، وأن المصائب في الدنيا مكفرة لهم !، كما في (فيض القدير) للمناوي.

وقال بعضهم في معناه: أي أن مآلهم إلى الجنة حتى وإنْ عُذبوا بالنار فترة من الزمن، كأصحاب الكبائر. والله أعلم. 


هذا وقد غلط فيه بعض الأئمة كابن الجوزي في (العلل المتناهية) (٤٨٣)، والهيثمي في (مجمع الزوائد)، حيث ظنوا أن راويه هو: أحمد بن محمد بن الحجاج بن رشدين بن سعد المصري، وهو ضعيف مكذب. كما في الكامل لابن عدي، وميزان الذهبي، ولسان الميزان لابن حجر، وغيرها.


وبهذا يتبين أن الحكم على الأحاديث أمر نسبي اجتهاديٌ، وأن لكل حديث نقد خاص به، كما نبه على ذلك أئمة الحديث.

وبالله التوفيق وهو المستعان.

وكتب: عبد الله الهليل الشمري 

٩ شعبان ١٤٤٥

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حَدِيْثُ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ.

خطبة الجمعة (فضل العلم وأهله وفضل النفقة على أهله والحث على طلبه)

بيان حال المدعو: حسن الحسيني