فضل عشر ذي الحجة وأيام التشريق

فضل عشر ذي الحجة وأيام التشريق


بسم الله ، والحمد لله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أما بعد:-

فإن ليالي الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة أقسم الله جل وعلا بها ولا يقسم عز وجل إلا بعظيم فقال تعالى: { وَٱلْفَجْرِ . وَلَيالٍ عَشْرٍ } قال أكثر المفسرين هي ليالي العشر الأُوَلِ من ذي الحجة، كما قال جابر بن عبد الله وابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم. وهذا يدل على أن ليالي العشر فاضلة أيضاً، لكن أيامها أفضل كما سيأتي،
وقال ابن عباس: " { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَٰتٍ } قال: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ". [أخرجه البخاري في صحيحه : بَاب فَضْلِ العَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ]

فعلينا أيها الإخوة الاجتهاد في الأعمال الصالحة في هذه الأيام الفاضلة كما كان السلف يفعلون لننال رضى الله وعظيم ثوابه فإن العمل فيها وثوابه أعظم من غيرها، فقد جاء في السنة عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ العَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ العَشْرِ»، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»
رواه الجماعة إلا مسلماً والنسائي
[البخاري برقم (٩١٦)، والترمذي (٧٥٧) ، وأبو داود (٢٤٣٨) ، وابن ماجه (١٧٢٧) ، وأحمد (١٩٦٨).]
وفى رواية للدارمي (٢/٢٦) بلفظ: ((ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى ... )) قال: وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يُكاد يُقدر عليه ".
[قال الإمام الألباني: ((إسناده حسن)) إرواء الغليل (٨٩٠) ]
، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: ((مَا العَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ» قَالُوا: وَلاَ الجِهَادُ؟ قَالَ: «وَلاَ الجِهَادُ، إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)) [رواه البخاري (٩٦٩) بَاب فَضْلِ العَمَلِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ ].
، وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُرْطٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ((أَعْظَمُ الْأَيَّامِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرِّ)).[رواه أحمد (٤/٣٥٠) وأبو داود (١٧٦٥) وابن خزيمة في صحيحه (٢٨٦٦) ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (١٥٤٩) ] 
ويوم النحر هو اليوم العاشر سمي بذلك لأنه تُنحر فيه الهدي والأضاحي ، ويوم القر هو اليوم الحادي عشر ، سمي بذلك لأن الحجاج يستقرون فيه بمنى .
وقال تعالى : {وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً } قال الحافظ ابن كثير ناقلاً تفسيرها عن أكثر المفسرين : ((فَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الثَّلَاثِينَ هِيَ : ذُو الْقَعْدَةِ ، وَالْعَشَرُ: عَشَرُ ذِي الْحِجَّةِ قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَمَسْرُوقٌ وابن جريج وروي عن ابن عباس وغيره.
فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَدْ كَمَّلَ الْمِيقَاتَ يَوْمَ النَّحْرِ وَحَصَلَ فِيهِ التَّكْلِيمُ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفِيهِ أَكْمَلَ اللَّهُ الدِّينَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً} ... ))
[تفسير ابن كثير (ج٣ ص٤٢١) الطبعة العلمية]
، وعَنْ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ»
[ رواه الإمام أحمد (٦١٥٤) وقال محقق المسند أحمد شاكر إسناده صحيح ، ورواه الطبراني في المعجم الكبير (١١١١٦) وغيرهما ، وله شواهد انظر إرواء الغليل (٨٩٠) ]

، وهذه العشر هي أفضل أيام الدنيا فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال : ((أفضل أيام الدنيا العشر يعني عشر ذي الحجة ، قيل ولا مثلهن في سبيل الله؟ قال: ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه بالتراب)) صححه الألباني في صحيح الترغيب (١١٥٠).

وَسُئِلَ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عَنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ. أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟
فَأَجَابَ: ((أَيَّامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ مِنْ رَمَضَانَ وَاللَّيَالِي الْعَشْرُ الْأَوَاخِرُ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ مِنْ لَيَالِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ)).

قَالَ الإمام ابْنُ الْقَيِّم معلقاً: ((وَإِذَا تَأَمَّلَ الْفَاضِلُ اللَّبِيبُ هَذَا الْجَوَابَ وَجَدَهُ شَافِيًا كَافِيًا فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ فِيهَا أَحَبُّ إلَى اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ وَفِيهَا: يَوْمُ عَرَفَةَ وَيَوْمُ النَّحْرِ وَيَوْمُ التَّرْوِيَةِ. وَأَمَّا لَيَالِي عَشْرِ رَمَضَانَ فَهِيَ لَيَالِي الْإِحْيَاءِ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْيِيهَا كُلَّهَا وَفِيهَا لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ. فَمَنْ أَجَابَ بِغَيْرِ هَذَا التَّفْصِيلِ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يُدْلِيَ بِحُجَّةٍ صَحِيحَةٍ)).
[ مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (ج ٢٥ ص٢٨٧) ، وبدائع الفوائد لابن القيم (٣ / ١٦٢) ]

قال الإمام ابن كثير رحمه الله : ((وَبِالْجُمْلَةِ ، فَهَذَا الْعَشْرُ قَدْ قِيلَ إِنَّهُ أَفْضَلُ أيام السنة، كما نطق به الحديث، وفضله كَثِيرٌ عَلَى عَشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرِ، لِأَنَّ هَذَا يُشْرَعُ فِيهِ مَا يُشْرَعُ فِي ذَلِكَ مِنْ صلاة وصيام وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهِ، وَيَمْتَازُ هَذَا بِاخْتِصَاصِهِ بِأَدَاءِ فَرْضَ الحج فيه. وقيل ذلك أَفْضَلُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى لَيْلَةِ الْقَدْرِ الَّتِي هِيَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، وَتَوَسَّطَ آخَرُونَ فَقَالُوا: أَيْامُ هَذَا أَفْضَلُ، وَلَيَالِي ذَاكَ أَفْضَلُ، وَبِهَذَا يَجْتَمِعُ شَمْلُ الْأَدِلَّةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.)) 
[تفسير ابن كثير ج5 ص365]

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ((وَاسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلًا وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنْ جِهَادٍ لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ)). 
[الفتاوى الكبرى (ج٥ ص٣٤٢) ]

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى مبيناً سبب امتياز هذه الأيام الفاضلة : (( وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ السَّبَبَ فِي امْتِيَازِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ لِمَكَانِ اجْتِمَاعِ أُمَّهَاتِ الْعِبَادَةِ فِيهِ وَهِيَ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ ))
[ فتح الباري (ج٢ ص٤٦٠) ]

قـال الحـافظ ابن رجب رحمه الله تعالىٰ : -

" وأما نوافل عشر ذي الحجة فأفضل من نوافل عشر رمضان ، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره ".

[ فتح الباري لابن رجب - (١٦/٩) ]

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في اللطائف : (( لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام وليس كل أحد قادراً على مشاهدته كل عام فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره ، وجعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين والقاعدين ))


* ما ينبغي ويستحب فعله في هذه الأيام الفاضلة :

الحج والعمرة ويجب حج بيت الله الحرام على من استطاع ولم يحج ، وهو أعظم الأعمال فيها ، قال ﷺ : ((مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ)) رواه البخاري ، وقال ﷺ : ((العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلَّا الجَنَّةُ)) متفق عليه ، وقال  ﷺ : (( ‏تَابِعُوا بين الحجِّ والعُمرة ؛ فإنهما يَنفِيانِ الفقرَ والذُّنوبَ كما ينفي الكيرُ خبثَ الحديد)) رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، وصححه الألباني في [الصحيحية (١٢٠٠)،(١١٨٥) ] ، وقال صدقة بن يسار : سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول : ((عمرة في العشر الأول من ذي الحجة أحب إليَّ من أن أعتمر في العشر البواقي)) ، فحدثت به نافعاً فقال : ((نعم عمرة فيها هدي، أو صيام، أحب إليه من عمرة ليس فيها هدي ولا صيام)). [شرح معاني الآثار (٢/ ١٤٨) ، وانظر : مصنف ابن أبي شيبة (٣ / ١٦٠)].

، ومن أفضل الأعمال وأعظمها ذكر الله جل وعلا كما في الأثر السابق عن ابن عباس : " { وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَٰتٍ } قال: أَيَّامُ العَشْرِ، وَالأَيَّامُ المَعْدُودَاتُ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ" ، وكما في حديث ابن عمر السابق : ((فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ)) ، وقال ﷺ : ((ما أهلَّ مُهِلٌّ قطُّ إلَّا بُشِّرَ ، ولا كبَّرَ مُكبِّرٌ قطُّ إلَّا بُشِّرَ . قيلَ : يا رسولَ اللهِ ! بالجنَّةِ ؟ قال : نعَم)) [السلسلة الصحيحة ١٦٢١] ، 
وقال الإمام البخاري : ((وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ: يَخْرُجَانِ إِلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ العَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا))
وقال رحمه الله في باب التَّكْبِيرِ أَيَّامَ مِنًى، وَإِذَا غَدَا إِلَى عَرَفَةَ : 
((وَكَانَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يُكَبِّرُ فِي قُبَّتِهِ بِمِنىً فَيسْمَعُهُ أَهْلُ المَسْجِدِ، فَيُكَبِّرُونَ وَيُكَبِّرُ أَهْلُ الأَسْوَاقِ حَتَّى تَرْتَجَّ مِنًى تَكْبِيرًا ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ بِمِنًى تِلْكَ الأَيَّامَ، وَخَلْفَ الصَّلَوَاتِ وَعَلَى فِرَاشِهِ وَفِي فُسْطَاطِهِ وَمَجْلِسِهِ، وَمَمْشَاهُ تِلْكَ الأَيَّامَ جَمِيعاً)) وهذان الأثران قد بين وصلهما الحافظ ابن حجر في (فتح الباري ج2 ص462)، والمستحب للرجال الجهر بالتكبير لفعل السلف كأمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر، وابنه عبد الله، وأبي هريرة رضي الله عنهم .
والتكبير نوعان مطلق ومقيَّد فالتكبير المطلق في جميع الأوقات من أول دخول شهر ذي الحجة إلى آخر أيام التشريق، وأما التكبير المقيد فيكون في أدبار الصلوات المفروضة من صلاة الصبح يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ، وقد دل على مشروعية ذلك فعل الصحابة رضي الله عنهم والعمل. 
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية :
((أَصَحُّ الْأَقْوَالِ فِي التَّكْبِيرِ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْأَئِمَّةِ: أَنْ يُكَبِّرَ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَقِبَ كُلِّ صَلَاةٍ)).
[ مجموع الفتاوى (٢٤ / ٢٢٠) ]، و [فتاوى اللجنة الدائمة رقم (١٠٧٧٧) ج٨ ص٣١٢].

، وصيغ التكبير الثابتة عن السلف سبع صيغ : 

١- (( اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ ))
صححه الألباني في [إرواء الغليل (١٢٦/٣) ].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ((وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ الْمَنْقُولِ عِنْدَ أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ: قَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ واَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ} )) 
[ مجموع الفتاوى (٢٤ / ٢٢٠) ]

٢- (( الله أكبر كبيرا ، الله أكبر كبيرا ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر ولله الحمد )) ، رويت عن ابن عباس ، روى هذه الصيغة الدارقطني في سننه [(2/25) (1721)] وابن أبي شيبة (١/٤٩٠) ، وصححه الألباني في [الإرواء (3/126)] .

٣- (( الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ،  والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ))
روي عن ابن مسعود [رواه ابن ابي شيبة في مصنفه بسند جيد (٥٦٧٩) (٢/١٦٥) ] .

٤- (( الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ))
رواها البيهقي عن الحسن وعطاء في [الكبرى ج٣ ص٣١٦] ، وفي [معرفة السنن والآثار (ج٥ ص١٠٩) ] عن جابر وابن عباس رضي الله عنهما.

٥- (( اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا )) قال الحافظ في الفتح (٢/٤٦٣) : ((وَأَمَّا صِيغَةُ التَّكْبِيرِ فَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَلْمَانَ قَالَ كَبِّرُوا اللَّهَ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَنُقِلَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى أَخْرَجَهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي كِتَابِ الْعِيدَيْنِ مِنْ طَرِيقِ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْهُمْ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَزَادَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَقِيلَ يُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَزِيدُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ إِلَخْ ...)) .

٦- (( الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد ، الله أكبر وأجل ، الله أكبر على ما هدانا ))
رواها البيهقي عن ابن عباس [السنن الكبرى (٣/٣١٥) ] ، وقال الألباني : سنده صحيح [الإرواء (٣/١٢٦) ] .

٧- عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: كَانَ سَلْمَانُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يُعَلِّمُنَا التَّكْبِيرُ يَقُولُ: " كَبِّرُوا: اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، أَوْ قَالَ: تَكْبِيرًا، اللهُمَّ أَنْتَ أَعْلَى وَأَجَلُّ مِنْ أَنْ تَكُونَ لَكَ صَاحِبَةٌ، أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلَدٌ، أَوْ يَكُونَ لَكَ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، أَوْ يَكُونَ لَكَ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا، اللهُمَّ اغْفِرْ لَنَا، اللهُمَّ ارْحَمْنَا " ثُمَّ قَالَ: " وَاللهِ لَتَكْتُبُنَّ هَذِهِ، لَا تَتْرُكُ هَاتَانِ، وَلَتَكُونَنَّ شَفْعًا لِهَاتَيْنِ ")) رواها البيهقي في الكبرى (٦٢٨٢).

، ومن أفضل الأعمال صلة الرحم فعن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الخَلْقَ، حَتَّى إِذَا  فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ، قَالَتِ الرَّحِمُ: هَذَا مَقَامُ العَائِذِ بِكَ مِنَ القَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى يَا رَبِّ، قَالَ: فَهُوَ لَكِ " قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}
[رواه البخاري ٥٩٨٧]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ)) رواه البخاري (٥٩٨٥) ، وقال ﷺ : ((لاَ يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ)) متفق عليه.

، ومن أفضل الأعمال في العشر: الصيام وقد أضافه الله عز وجل إلى نفسه لعظم شأنه وعلوِّ قدره فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ، الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِلَّا الصَّوْمَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي " رواه مسلم (١١٥١)
وصيام عشر ذي الحجة مستحب استحباباً شديداً. قاله العلامة النووي رحمه الله .

وأفضل صيام النوافل صيام عشر ذي الحجة 

وعن بعض أزواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالت: ((كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم تِسْعَ ذي الحِجةِ، ويومَ عاشوراءَ، وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر، والخمِيْسَيْن )).
رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود الأم (٢١٠٦).

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((لا بأس بقضاء رمضان في العشر)) [رواه ابن ابي شيبة في مصنفه (٢/٣٢٤) ، وقال ابن حجر في الفتح (٤/١٨٩) : وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عمر أنه كان يستحب ذلك]

ويوم عرفة وهو اليوم التاسع من ذي الحجة خُصَّ بمزيد فضل 
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ : ((مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟ )) رواه مسلم (١٣٤٨)
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله : (( ويوم عرفة هو يوم العتق من النار فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين )) [ لطائف المعارف ص287]
، وصيامه يُكَفِّر سنتين : ماضية ومستقبلة ، فقد قال الرسول ﷺ: "صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ" رواه مسلم (١١٦٢) .
قال الإمام ابن القيم:
((إن قيل: لِمَ كان عاشوراء يكفر سنة ويوم عرفة يكفر سنتين؟ قيل فيه وجهان:
أحدهما: أن يوم عرفة في شهر حرام وقبله شهر حرام وبعده شهر حرام بخلاف عاشوراء.
الثاني: أن صوم يوم عرفة من خصائص شرعنا بخلاف عاشوراء ، فضوعف ببركات المصطفى ﷺ . ))
[بدائع الفوائد ج٤ ص٢١١]

، وهذا الترغيب في صيامه لغير الحاج 
فقد روى الإمام أحمد في مسنده بسند صحيح أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ، دَعَا الْفَضْلَ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى طَعَامٍ، فَقَالَ: إِنِّي صَائِمٌ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: " لَا تَصُمْ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُرِّبَ إِلَيْهِ حِلابٌ، فَشَرِبَ مِنْهُ هَذَا الْيَوْمَ، وَإِنَّ النَّاسَ يَسْتَنُّونَ بِكُمْ. [المسند ٢٩٤٦،٣٤٧٦].
قال الإمام الذهبي: (وَجَاءَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ فِي (السُّنَنِ) بِإِسْنَادٍ لاَ بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (لَيْسَ مِنَ البِرِّ أَنْ تَصُوْمُوا فِي السَّفَرِ). وَالأَفْضَلُ لِلْمُسَافِرِ إِفطَارُ صَوْمِ الفَرْضِ، فَالنَّافِلَةُ أَوْلَى، فَمَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِهَا مَعَ عِلْمِهِ بِالنَّهْيِ، وَبأَنَّ الرَّسُوْلَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَا صَامَهُ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ - فِيْمَا نَعْلَمُ - لَمْ يُصِبْ - وَاللهُ أَعْلَمُ -. وَلاَ نَقطَعُ عَلَى اللهِ بِأَنَّ اللهَ لاَ يَأْجُرُهُ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ صَوْمُهُ لَهُ مُكَفِّراً لِسَنَتَيْنِ؛ لأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ المُقِيمِ، لاَ المُسَافِرِ). (سير الأعلام للذهبي ج10 ص683).

* تنبيه: يقال: الأيام العشر للتغليب والمقصود: الأيام التسع الأولى، وإنما نبهت على ذلك لأن صوم اليوم العاشر وهو يوم العيد محرم كما جاء النهي عن ذلك في السُنَّة ، فقد أخرج ابن حبان في صحيحه (٣٥٩٩) : عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : «لَا صَوْمَ فِي يَوْمِ عِيدٍ» ، وصححه الإمام الألباني في [«الإرواء» (٩٦٢) ] ، وأيضاً يحرم صيام باقي أيام العيد وهي أيام التشريق وهي : اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر إلا لحاج لم يجد الهدي
فعَنْ نُبَيْشَةَ الْهُذَلِيِّ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ : «أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَذِكْرٍ لِلَّه» [رواه مسلم (١١٤١) ]
وروى البخاري عَنْ عَائِشَةَ، وابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ قَالَا: لَمْ يُرَخَّصْ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَنْ يُصَمْنَ، إِلَّا لِمَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ.
[صحيح البخاري 1997]


، ومن أفضل الأعمال في يوم النحر صلاة العيد والتبكير إليها فعن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ)) رواه البخاري (٩٦٥) ، وعن أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الحُيَّضَ يَوْمَ العِيدَيْنِ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ فَيَشْهَدْنَ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ، وَدَعْوَتَهُمْ وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ عَنْ مُصَلَّاهُنَّ، قَالَتِ امْرَأَةٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لَيْسَ لَهَا جِلْبَابٌ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا)) رواه البخاري (٣٥١) ، وهي فرض عين على الراجح ، قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله تعالى : ((وَلِهَذَا رَجَّحْنَا أَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِ وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ لَا تَجِبُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَالنَّاسُ يَجْتَمِعُونَ لَهَا أَعْظَمَ مِنْ الْجُمُعَةِ وَقَدْ شُرِعَ فِيهَا التَّكْبِيرُ. وَقَوْلُ مَنْ قَالَ هِيَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لَا يَنْضَبِطُ ...)) اهـ.
[ مجموع الفتاوى (٢٣ / ١٦١) ].

ومن أفضل الأعمال ذبح الأضحية في يوم النحر قال تعالى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} ويكون الذبح بعد صلاة العيد فإن ذبح قبل صلاة العيد يلزمه الإعادة لقول النبي ﷺ : ((مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيُعِدْ مَكَانَهَا أُخْرَى، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيَذْبَحْ)) متفق عليه ، ولا يلزم المضحي أن يضحي في يوم النحر بل يجوز له أن يضحي في أيام التشريق لقول النبي ﷺ : ((كل أيام التشريق ذبح)) [السلسلة الصحيحة برقم (٢٤٧٦) ] وهي واجبة على صاحب المنزل القادر ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ((وَأَمَّا الْأُضْحِيَّةُ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُهَا أَيْضًا فَإِنَّهَا مِنْ أَعْظَمِ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَهِيَ النُّسُكُ الْعَامُّ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالنُّسُكُ مَقْرُونٌ بِالصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ: {إنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} فَأَمَرَ بِالنَّحْرِ كَمَا أَمَرَ بِالصَّلَاةِ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ} وَقَالَ: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} وَهِيَ مِنْ مِلَّةِ إبْرَاهِيمَ الَّذِي أُمِرْنَا بِاتِّبَاعِ مِلَّتِهِ ، وَبِهَا يُذْكَرُ قِصَّةُ الذَّبِيحِ ...)) ثم قال : ((وَوُجُوبُهَا حِينَئِذٍ مَشْرُوطٌ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا فَاضِلًا عَنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ. كَصَدَقَةِ الْفِطْرِ. وَيَجُوزُ أَنْ يُضَحِّيَ بِالشَّاةِ عَنْ أَهْلِ الْبَيْتِ - صَاحِبُ الْمَنْزِلِ - نِسَائِهِ وَأَوْلَادِهِ وَمِنْ مَعَهُمْ. كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَفْعَلُونَ.))
[ مجموع الفتاوى (٢٣ / ١٦٢-١٦٤) ]
، وعلى المضحي أن لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً فعن أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ، فَلْيُمْسِكْ عن شَعْرِهِ وَأَظْفَارِهِ)) وفي رواية: ((فَلَا يَأْخُذَنَّ مِنْ شَعْرِهِ، وَلَا مِنْ أَظْفَارِهِ شَيْئًا حَتَّى يُضَحِّيَ)) رواهما مسلم (١٩٧٧) . 
، ويسن لمن ذبح أضحية أن يقول: ((بسم الله والله أكبر اللهم هذا عني)) إن كانت له ، وإن كان موكلاً بالذبح يقول: ((بسم الله والله أكبر اللهم هذا عن فلان)) ، ولا يعطي الجزار منها شيئاً كأجرة حتى جلدها لورود الأحاديث الصحيحة في ذلك ، كقول عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلَالَهَا، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا، وَقَالَ: ((نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا)) [رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود ١٧٦٩]، ويسن للمضحي أن يقسم أضحيته إلى ثلاثة أقسام قسم يتصدق به وقسم يأكله وقسم يدخره أو يهديه، لقول النبي ﷺ : ((فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)) رواه مسلم (١٩٧١) وفي رواية: (كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَاحْبِسُوا أَوِ ادَّخِرُوا) وقيل: إِنَّ الْمُضَحِّيَ يَأْكُلُ النِّصْفَ وَيَتَصَدَّقُ بِالنِّصْفِ، لِقَوْلِهِ تعالى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الْحَجِّ: 28] ولقول النبي ﷺ : ((فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا)) رواه مسلم (١٩٧١)
، والأفضل للمضحي أن يذبح أضحيته بنفسه لأن النبي ﷺ ضحى وذبح بيده.

وبالله التوفيق وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان.





📝 جمع الفقير إلى عفو ربه الغني الكريم / عبدالله بن سعيد العمر الشمري
عضو هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة حائل


8 / ذي الحجة / 1436هـ

ثم نقحته وزدت عليه قبل النشر على المدونة



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيان أن الصحابة كانوا يقولون في تشهد الصلاة (السلام عليك أيها النبي) بصيغة المُخَاطَبة، في حياة النبي ﷺ، وبيان أنهم كانوا يقولون (السلام على النبي) بصيغة: الْغَيْبَةِ، بعد وفاة النبي ﷺ

حَدِيْثُ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ.

خطبة الجمعة (فضل العلم وأهله وفضل النفقة على أهله والحث على طلبه)