مشروعية نظر الخاطب إلى المخطوبة ( النظرة الشرعية )
النظرة الشرعية
﷽
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أما بعد:
فإن النظرة الشرعية مشروعة قد أمر بها الله، ورسوله ﷺ، وهي: أن ينظر الرجل إلى المرأة التي يريد الزواج بها، ثم هو بالخيار بعد ذلك بين أن يتزوجها أو يعدل عنها، وسيأتي التفصيل وذكر الحكمة من ذلك، وهذه بعض الأدلة الشرعية في مشروعية النظر إلى المخطوبة، وهي كثيرة واضحة الدلالة، منها :
أولاً : الأدلة من القرآن الكريم :
١- {وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِن مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [البقرة (221)].
الشاهد أن الإعجاب بالشيء لا يكون إلا بعد مشاهدته، فيستنبط من الآية جواز رؤية الرجل للمرأة قبل أن يتزوجها.
٢- قال تعالى قاصاً خبر الرجل الصالح الذي قال لنبي الله موسى عليه السلام: { قَالَ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ٱبْنَتَىَّ هَاتَيْنِ } [القصص (27)]
.
قال القرطبي في تفسير الآية: ((فيه عرض الوليّ ابنته على الرجل؛ وهذه سنة قائمة؛ عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل، وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان، وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فمن الحسن عرض الرجل وليته، والمرأة نفسها على الرجل الصالح، اقتداء بالسلف الصالح. قال ابن عمر: لما تأيّمت حفصة قال عمر لعثمان: إن شئت أنكحك حفصة بنت عمر؛ الحديث انفرد بإخراجه البخاري.))
[تفسير القرطبي : سورة القصص: ٢٧]
ثانياً : الأدلة من السنة :
١- عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ امْرَأَةً، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((انْظُرْ إِلَيْهَا، فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا)).
رواه أحمد (١٨١٥٤) ، والترمذي (١٠٨٧) ، وابن ماجة (١٨٦٥) ، وغيرهم ، وصححه الإمام الألباني في [السلسلة الصحيحة حديث رقم (٩٥-٩٦) ] . قال الإمام الترمذي رحمه الله تعالى : ((وَمَعْنَى قَوْلِهِ: «أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَكُمَا»، قَالَ: أَحْرَى أَنْ تَدُومَ المَوَدَّةُ بَيْنَكُمَا))
وزاد أحمد والبيهقي في روايتهما عنه رضي الله عنه قال: " فَأَتَيْتُهَا وَعِنْدَهَا أَبَوَاهَا وَهِيَ فِي خِدْرِهَا ، قَالَ : فَقُلْتُ : إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا ، قَالَ : فَسَكَتَا ، قَالَ : فَرَفَعَتِ الْجَارِيَةُ جَانِبَ الْخِدْرِ ، فَقَالَتْ : أُحَرِّجُ عَلَيْكَ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ لَمَا نَظَرْتَ ، وَإِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْكَ أَنْ تَنْظُرَ إِلَيَّ فَلَا تَنْظُرْ ، قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجْتُهَا ، قَالَ : فَمَا وَقَعَتْ عِنْدِي امْرَأَةٌ بِمَنْزِلَتِهَا ، وَلَقَدْ تَزَوَّجْتُ سَبْعِينَ ( أَوْ بِضْعًا وَسَبْعِينَ ) امْرَأَةً ". وزاد ابن ماجة في روايته : ((فَفَعَلَ، فَتَزَوَّجَهَا، فَذَكَرَ مِنْ مُوَافَقَتِهَا)).
٢- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: إِنِّي تَزَوَّجْتُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟ فَإِنَّ فِي عُيُونِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا)) قَالَ: قَدْ نَظَرْتُ إِلَيْهَا. رواه مسلم (١٤٢٤).
٣- وعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: خَطَبْتُ امْرَأَةً، فَجَعَلْتُ أَتَخَبَّأُ لَهَا، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَيْهَا فِي نَخْلٍ لَهَا، فَقِيلَ لَهُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟! فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: ((إِذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا)).
رواه أحمد (١٦٠٢٨)، وابن ماجة ، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (١٩٩١)، والطبراني في "الكبير" ١٩/ (٥٠١) وغيرهم ، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة (١٨٦٤) .
٤- وقال ﷺ : ((إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل)) أخرجه أحمد (٣ / ٣٣٤) وأبو داود (٢٠٨٢) والطحاوي والحاكم والبيهقي وحسنه الألباني في الصحيحة (٩٩).
٥- وعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْتُ لِأَهَبَ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَعَّدَ النَّظَرَ إِلَيْهَا وَصَوَّبَهُ. رواه البخاري (٥٠٣٠) ، ومسلم (١٤٢٥) .
ووجه الدلالة أنه لو كان النظر إلى المرأة المراد الزواج منها حراماً لما صعد النظر إليها وصوبه .
قال النووي رحمه الله معلقاً على هذا الحديث : ((وَفِيهِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ النَّظَرِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً وَتَأَمُّلِهِ إِيَّاهَا ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ عَرْضِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا عَلَى الرَّجُلِ الصَّالِحِ لِيَتَزَوَّجَهَا)).
[المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (ج٩ ص٢١٢) ]
٦- وعن أبي حميد قال : قال رسول الله ﷺ ((إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا ، إِذَا كَانَ إِنَّمَا يَنْظُرُ إِلَيْهَا لِخِطْبَةٍ ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَعْلَمُ)) رواه أحمد والبزار والطبراني وغيرهم وصححه الألباني في [الصحيحة: ٩٧] وقال: وقد عمل بهذا الحديث بعض الصحابة وهو محمد بن مسلمة الأنصاري، فقال سَهْلُ بْن أَبِي حَثْمَةَ: رَأَيْتُ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ يُطَارِدُ ثُبَيْتَةَ بِنْتَ الضَّحَّاكِ فَوْقَ إِجَّارٍ لَهَا بِبَصَرِهِ طَرْدًا شَدِيدًا. فَقُلْتُ: أَتَفْعَلُ هَذَا وَأَنْتَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: إِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا أُلْقِيَ فِي قَلْبِ امْرِئٍ خِطْبَةُ امْرَأَةٍ ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا).
قلت: يشير إلى ما رواه الطحاوي في (شرح معاني الآثار 4278 )
٧- وجاء أن النبي ﷺ أراه الله في المنام صورة عائشة رضي الله عنها قبل أن يتزوجها ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: " أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ " رواه البخاري (٣٨٩٥) ومسلم (٢٤٣٨) .
وهذه الأدلة فيها الكفاية لمن كان له قلب عقول .
وللشارع الحكيم حكم بالغة في تشريعها للعباد عَلِمَها مَنْ علمها وجهلها من جهلها ، ومن الحِكٓمِ في أمر الشرع المطهر بالنظرة الشرعية على سبيل الإجمال ما يلي :
أولاً : أن الشرع لما أمر النساء بالستر وأوجب عليهن أن يُدنين عليهن من جلابيبهن جعل لعباده مخرجاً باستثناءه النظرة الشرعية لمن أراد الزواج .
وثانياً : لكي تستمر العلاقة الزوجية بينهما حيث أنه تزوجها برغبة منه بعدما رآها واطمأن لها، فهذا فيه ضمان عدم وقوع الطلاق من جهة جسم المرأة وجمالها، لئلا ينصدم الرجل بعد الزواج بها بوصف من وصفها له بحسن الجسم والجمال مثلاً ، حيث أن الأذواق تختلف بين الناس وكذا معايير الجمال ، فقد يرى شخص امرأة فتعجبه كثيراً ويرى أنها جميلة ، ويراها آخر فلا تعجبه بل يتعجب من الأول كيف يصفها بالجمال! .
٧- وجاء أن النبي ﷺ أراه الله في المنام صورة عائشة رضي الله عنها قبل أن يتزوجها ، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: " أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ " رواه البخاري (٣٨٩٥) ومسلم (٢٤٣٨) .
وهذه الأدلة فيها الكفاية لمن كان له قلب عقول .
وللشارع الحكيم حكم بالغة في تشريعها للعباد عَلِمَها مَنْ علمها وجهلها من جهلها ، ومن الحِكٓمِ في أمر الشرع المطهر بالنظرة الشرعية على سبيل الإجمال ما يلي :
أولاً : أن الشرع لما أمر النساء بالستر وأوجب عليهن أن يُدنين عليهن من جلابيبهن جعل لعباده مخرجاً باستثناءه النظرة الشرعية لمن أراد الزواج .
وثانياً : لكي تستمر العلاقة الزوجية بينهما حيث أنه تزوجها برغبة منه بعدما رآها واطمأن لها، فهذا فيه ضمان عدم وقوع الطلاق من جهة جسم المرأة وجمالها، لئلا ينصدم الرجل بعد الزواج بها بوصف من وصفها له بحسن الجسم والجمال مثلاً ، حيث أن الأذواق تختلف بين الناس وكذا معايير الجمال ، فقد يرى شخص امرأة فتعجبه كثيراً ويرى أنها جميلة ، ويراها آخر فلا تعجبه بل يتعجب من الأول كيف يصفها بالجمال! .
وإنه مع هذه الأدلة الصحيحة الصريحة نرى اليوم مع الأسف الشديد من يستنكر النظرة الشرعية ويرى بعقله القاصر الضعيف عن إدراك المصالح ومقاصد الشريعة أنها عيب ، والعيب فيه حيث زعم أن أمراً شرعياً فيه عيب ، وأنه يخدش الحياء ، ونحو هذا الكلام الباطل الذي لا فائدة ترجى منه ، بل قد يؤدي ذلك إلى تعطيل النصوص الواردة في ذلك ، وما علم المسكين أن النظرة الشرعية فيها مصالح للزوجين ، وأنها سبب في دوام العلاقة الزوجية بينهما كما في الأحاديث المتقدمة ، وأرى أن من أسباب كثرة الطلاق هو عدم تطبيق هذه الأحاديث ، والمتأمل في أحاديث النبي ﷺ في النظرة الشرعية وحثه عليها وأمره بها يدرك نصح النبي ﷺ لأمته ، كما يدرك أهمية النظرة الشرعية وأنها سبب لعدم الإفتراق بين الزوجين ، ودوام الحياة الزوجية السعيدة ، وإن عدم فعل بعض الأجداد لها إما لغيرته التي ليست في محلها، أو لجهله، أو لعصبيةٍ لعادات آبائه لا يدل على أن فيها عيباً وأنها تخدش الحياء كما يزعم بعض الناس.
ويرى بعض الناس أن عدم تطبيق أكثر الناس اليوم للنظرة الشرعية هو بسبب بعض المتهورين الذين إذا أتيح لهم أن ينظروا النظرة الشرعية أخذوا يخبرون كل أحد بعيوب المنظور إليها ، فأدى ذلك إلى خوف الناس منها ، وهذا لا يوجب تعطيل هذه السنة ، والحل أن ينظر وليُّ المرأة في حال طالب النظرة الشرعية فإن رآه أهلاً للثقة سمح له بذلك.
وإنما السبب في تعطيل البعض لها في نظري جميع ما ذكر من الكلام حولها ، والذي أدى إلى خوف الناس منها ، لكن على ولي المرأة أن يجتهد في حال طالب النظرة الشرعية وعليه أن يعرف صدقه من عدمه ليزول الخوف ، وليتأكد كلٌ من ولي المرأة والخاطب والمخطوبة أن هذه السنة هي في مصلحة الجميع ، والله المستعان الموفق.
مسائل متعلقة :
* حكم النظرة الشرعية :
أنها مستحبة على الراجح وهو قول جمهور العلماء ، وأما الجواب عن الأحاديث الصريحة بالأمر بها ، فيقال قد جاءت روايات أخرى تصرفها من الوجوب إلى الإستحباب كحديث (( فلا جناح عليه أن ينظر إليها)) وكحديث ((فلا بأس أن ينظر إليها)).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ((وَالشَّارِعُ قَدْ أَبَاحَ بَلْ أَحَبَّ لَهُ النَّظَرَ إلَى الْمَخْطُوبَةِ وَقَالَ: {إذَا أَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِ أَحَدِكُمْ خِطْبَةَ امْرَأَةٍ فَلْيَنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّهُ أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا} . {وَقَالَ لِمَنْ خَطَبَ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ: اُنْظُرْ إلَيْهَا فَإِنَّ فِي أَعْيُنِ الْأَنْصَارِ شَيْئًا} وَقَوْلُهُ: {أَحْرَى أَنْ يُؤْدَمَ بَيْنَهُمَا} يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إذَا عَرَفَهَا قَبْلَ النِّكَاحِ دَامَ الْوُدُّ. وَأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَرَهَا فَإِنَّهُ لَمْ يُعَلِّلْ الرُّؤْيَةَ بِأَنَّهُ يَصِحُّ مَعَهُ النِّكَاحُ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرُّؤْيَةَ لَا تَجِبُ وَأَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ بِدُونِهَا)).
[مجموع الفتاوى ج٢٩ ص٣٥٤]
* ما يجوز للناظر رؤيته منها :
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
((قَالَ الْجُمْهُورُ لَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الْخَاطِبُ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ قَالُوا وَلَا يَنْظُرُ إِلَى غَيْرِ وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يَجْتَهِدُ وَيَنْظُرُ إِلَى مَا يُرِيدُ مِنْهَا إِلَّا الْعَوْرَةَ وَقَالَ ابن حزم ينظر إِلَى مَا أقبل مِنْهَا وَمَا أَدْبَرَ مِنْهَا وَعَنْ أَحْمَدَ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ الْأُولَى كَالْجُمْهُورِ وَالثَّانِيَةُ يَنْظُرُ إِلَى مَا يَظْهَرُ غَالِبًا وَالثَّالِثَةُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا مُتَجَرِّدَةً ))
[فتح الباري (ج٩ ص١٨٢) ] .
* يجوز للناظر أن ينظر إليها حتى ولو لم تعلم المرأة أو تشعر به، لحديث محمد بن مسلمة رضي الله عنه المتقدم ، وللحديث الآتي.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله : ((وَقَالَ الْجُمْهُورُ أَيْضًا يَجُوزُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا إِذَا أَرَادَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إِذْنِهَا))
[فتح الباري (ج٩ ص١٨٢) ] .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ((ثُمَّ إنَّ مَا نَهَى عَنْهُ لِسَدِّ الذَّرِيعَةِ يُبَاحُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ كَمَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى الْمَخْطُوبَةِ وَالسَّفَرُ بِهَا إذَا خِيفَ ضَيَاعُهَا كَسَفَرِهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ مِثْلَ سَفَرِ أُمِّ كُلْثُومٍ، وَكَسَفَرِ عَائِشَةَ لَمَّا تَخَلَّفَتْ مَعَ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ ... )).
[مجموع الفتاوى ج٢٣ ص١٨٦]
قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى :
((قلت: ويجوز النظر إليها ولو لم تعلم أو تشعر به، لقوله ﷺ : "إذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته، وإن كانت لا تعلم" )) .
[السلسلة الصحيحة (ج١ ص٢٠٠ حديث رقم٩٦) ]
وبالله التوفيق ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا ورسولنا محمد الذي ما من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه فعليه أفضل الصلاة وأتم التسليم ، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان .
✒ وكتب / عبد الله بن سعيِّد الهليل الشمري
إمام جامع د. ناصر الرشيد
وعضو هيئة التدريس بقسم الثقافة الإسلامية بجامعة حائل
٧ / ربيع الآخر / ١٤٣٨ هـ
مقالي هذا نشرته سابقا في إخبارية الجبل:
http://www.jblnews.com/art/s/357
تعليقات
إرسال تعليق