التعليق على قصيدة الإمام نَهْشَل بن دَارِم أبي إسحاق الدارمي (المتوفى سنة 325 هـ) في أهل البدع (الرافضة - النواصب - الخوارج - الجهمية)، وفي تعظيم الصحابة وإجلالهم رضي الله عنهم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، أما بعد:


قصيدة الإمام نَهْشَل بن دَارِم أبي إسحاق الدارمي (المتوفى سنة 325 هـ) في أهل البدع (الرافضة - النواصب - الخوارج - الجهمية)، وفي تعظيم الصحابة وإجلالهم رضي الله عنهم.




نقل صدر الدين، أبو طاهر السِّلَفي أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم سِلَفَه الأصبهاني (المتوفى: 576هـ)، قصيدة الإمام نَهْشَل بن دَارِم أبي إسحاق الدارمي (ت 325)، بسنده (1)، فقال: أنشدنا أبو عبد الله الصوري، أنشدنا أبو محمَّد عبد الرحمن بن عمر بن محمَّد بن سعيد التُّجيِبي، وأَبُو العبَّاس مُنِير بْنُ أَحْمَدَ بن الحسن الخَلاَّل قالا: أنشدنا أبو الطَّيْب محمد بن جعفر غُنْدَر، أنشدنا نَهْشَلُ بنُ دَارِم لنفسه:

يهُودُ الْمُسْلِمِينَ رَوَافِضوهُمْ ... إِلهَي لا تدَعْ مِنهُمْ بَقِيَّه
فَقَدْ كَرِهُوا الْكِتَابَ وحَرَّفوهُ ... لِكَيْ تَخْفَى أُمُورُهُمُ الشَّنِيَّه
لَهُم جَفْرٌ (2) تَعالَى الله عمَّا ... حَوَاه من أقاويلٍ رَدِيَّه
فَحَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ (3) ... وَلاَ يَرْدَعْكُمْ عَنْهُمْ تَقِيَّه (4)
فَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ بِقَتْلِ قَوْمٍ ... لَهُمْ نَبْزٌ وَأَسْمَاءُ الرَّافِضِيَّه
هُمْ جَحَدُوا النَّبِيَّ وَعَانَدُوهُ ... تَبَرَّأُوا مِنْ صَحَابَتِهِ الزَّكِيَّه
كَمَا بَرِئَ النَّوَاصِبُ مِنْ عَلِيٍّ ... فَلا حَيَّا الإِلَهُ النَّاصبِيَّه
وَلا حَيَّا كِلاَبَ النَّارِ أَيْضًا ... فَقَدْ مَرقوا فسُمُّوا المَارِقِيَّه
خَلِيلي عُدْ عَنْ أَهْوَاءِ جَهْمٍ ... وَلا تَزْعُمْ بِأَنَّ لَك الْمَشِيَّه (5)
فَمَحْضُ الدِّينِ إِنْ فَتَّشْتَ عَنْهُ ... فَعِنْدَ ذَوِي الْحَديثِ الْحَنبَلِيَّه (6)
رَضُوا بِاللهِ رَباً ثُمَّ قَالُوا ... مُحمَّد عِنْدَنَا خَيْرُ الْبَرِيَّه
وَصِدِّيقٌ خَلِيفَتُهُ عَلَيْنَا ... وفَارُوقٌ حَكَاهُ عَلَى السَّوِيَّه
وعُثْمَانٌ وَخَامِسُهُمْ عَلَيٌّ ... أبو السِّبْطَيْنِ (7) بَعْلُ (8) الهاشميَّه (9)
وَطَلْحَةُ والزبيرُ مَعَ ابنِ عوْفٍ ... وسعدٌ والسَّعيدُ على البقيَّه
وَأصحابُ النَّبيِّ فخيرُ قرْنٍ ... مَضىَ ويكونُ حَتَّى السَّاهِرِيَّه (10)
وَلا تنْسَى مُعَاويةَ بنَ صَخْرٍ ... رَدِيفاً لِلنِبيِّ عَلَى المَطِيَّه
وَكَاتِبَ وَحَيِ خَالِقِنَا بِفَهْمٍ ... وخَالَ الْمُؤْمِنِين ذَوِي الرَّضِيَّه.


من كتاب: الطيوريات لأبي طاهر السِّلَفي ج4 ص1342.






الحواشي:

(1) إسناده صحيح، 

الصُّوْرِيُّ هو: مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عَبْدِ اللهِ الشَّامِيُّ، ثقة. [تاريخ بغداد ج4 ص172]، [السير ج17 ص627].
وَعبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ هو: ابْنُ النَّحَّاسِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ التُّجِيْبِيُّ، إمام صدوق. [السير ج17 ص313]، [المعين ج1 ص123].
ومُنِير بْنُ أَحْمَدَ المصري، ثقة. [السير ج17 ص267].

وأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرِ بنِ دُرَّانَ البَغْدَادِيُّ غُنْدَرٌ، نزيلُ مِصْرَ، لقب بغندر تشبيهاً بالإمام الحجة محمد بن جعفر، أبي عبد الله الْبَصْرِيّ، المشتهر بلقبه: غندر. [تاريخ بغداد ج2 ص529]، [السير ج16 ص215]، [المنتظم ج9 ص228].



(2) الجَفْر: اسم كتاب ينسبه الروافض إلى جعفر الصادق. 

وانظر المزيد عن هذا الكتاب -إن شئت- في كتاب [تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة الدينوري ص122]، وفي كتاب [المقدمة لابن خلدون ص186].


(3) أفتى بقتلهم، وقد سبقه أئمة في ذلك فمنهم: الإمام مالك بن أنس. قال القاضي عياض: وَفِي النَّوادِر عَن مَالِك فِيمَن قَال: إنَّ جِبْرِيل أخْطأ بالْوَحْي وَإِنَّمَا كَان النبيَّ عَلِيُّ بن أَبِي طَالِب اسْتُتِيب، فإن تاب وَإِلَّا قُتِل، وَنَحْوَه عَن سُحْنُون، وَهَذَا قَوْل الغُرَابِيَّة مِن الرَّوافِض سُمُّوا بِذَلِك لقولهم: كَان النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم أشْبَه بِعَلِيٍّ مِن الغُرَاب بالغراب.
وقال أيضأ: رَأَى مَالِكٌ قَتْل من سَبَّ عَائِشَة رَضِي اللَّه عَنْهَا بِالْفِرْيَة؛ لأَنَّه خَالَف الْقُرْآن، وَمَن خَالَف الْقُرْآن قُتِل، أَي لأَنَّه كَذَّب بِمَا فِيه.
وَقَال أَيْضاً: من شَتَم أَحَداً من أَصْحَاب النَّبيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم أَبَا بَكْر أَو عُمَر أَو عُثْمَان أو علياً أَو مُعَاوِيَة أَو عَمْرَو بن الْعَاص رضي الله عنهم، فَإِن قَال: كَانُوا عَلَى ضَلال وَكُفْر قُتِل، وَإِن شَتَمَهُم بِغَيْر هَذَا من مُشَاتَمَة النَّاس نُكِّل نَكَالًا شَدِيدًا.
وقال أيضاً: وَرُوِي عَن مَالِك: من سَبَّ أَبَا بَكْر جُلِد، وَمِن سَبَّ عَائِشَة قُتِل، قِيل لَه: لِم؟ قَال: من رَمَاهَا فَقَد خالف الْقُرْآن.
وقال أيضاً حاكياً عن مالك وأصحابه رأيهم في أهل البدع الذين وقعوا في التأويل والاجْتِهاد الخاطئ:
((وَلَم يَخْتِلِفُوا فِي قِتالِهِم إذَا تَحَيَّزُوا فِئَة، وَأَنَّهُم يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي المُنْفَرِد مِنْهُم)).

وقال أيضاً: قَال الْقَاضِي أَبُو عَبْد اللَّه البرنكاني، والقاضي أَبُو عَبْد اللَّه التُّسْتَرِيُّ من أئِمَّة العراقيين من أصحابنا: جوابه (يعنيان مالكاً) مختلف بقتل المستبصر الداعية، وَعَلَى هَذَا الخِلَاف اختلف قَوْله فِي إعادة الصَّلَاة خلفهم.
وقال أيضاً: قَال إِسْمَاعِيل الْقَاضِي: وإنما قَال مَالِك فِي القدرية وسائر أَهْل البدع: يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا؛ لِأَنَّه مِن الفساد فِي الْأَرْض، كَمَا قَال فِي المحارب: إن رَأَى الإمام قتلَه وَإِن لَم يَقْتُل قَتَلَه، وفساد المحارب إنَّمَا هُو فِي الأموال، ومصالح الدُّنْيَا وَإِن كَان قَد يدخل أيْضاً فِي أمر الدِّين من سبيل الحج والجهاد، وفسادُ أَهْل البدع معظمه عَلَى الدِّين، وَقَد يدخل فِي أمر الدُّنْيَا بِمَا يلقون بَيْن الْمُسْلِمِين مِن العداوة، والله الموفق للصواب.

وقال أيضاً: فَقَد كَان نَشَأ عَلَى زمن الصَّحَابَة رضي الله عنهم وَبَعْدَهُم فِي التابعين من قَال بِهذِه الأقْوال مِن القَدَر وَرأي الْخَوارِج والاعْتِزَال، فَمَا أزاحُوا لَهُم قَبْراً، وَلَا قَطَعُوا لأحد مِنْهُم مِيراثاً، لكِنَّهُم هَجَرُوهم وأدَّبُوهُم بالضَّرْب والنَّفْي والقَتْل عَلَى قَدْر أحْوالهم؛ لأنهم فُسَّاقٌ ضُلَّال عُصَاة أَصْحَاب كبائر عِنْد المُحَقِّقِين وَأَهْل السُّنَّة مِمَّن لَم يَقُل بِكُفْرِهِم مِنْهُم، خلافاً لِمَن رَأَى غَيْر ذَلِك والله الْمُوَفِّق للصَّواب.
[الشفا في حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم].

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وَالدَّاعِي إلَى الْبِدْعَةِ مُسْتَحِقٌّ الْعُقُوبَةَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَعُقُوبَتُهُ تَكُونُ تَارَةً بِالْقَتْلِ، وَتَارَةً بِمَا دُونَهُ، كَمَا قَتَلَ السَّلَفُ جَهْمَ بْنَ صَفْوَانَ، وَالْجَعْدَ بْنَ دِرْهَمٍ، وَغَيْلَانَ الْقَدَرِيَّ، وَغَيْرَهُمْ). (مجموع الفتاوى ج35 ص414).
وهذا موكل لولاة الأمور وليس لكل أحد، والله المستعان.




(4) التَّقِيَّة هي إظهار خلاف الباطن.

(5) أي لا تدعي أن لك المشيئة المطلقة، كما زعم بعض أهل البدع، فإن مشيئة المخلوق محدودة ومقيدة بمشيئة الله تعالى.

(6) اشتهر أهل الحديث بالحنبلية في بعض الأزمان المتقدمة نسبة لإمام أهل السنة والجماعة أحمد ابن حنبل.

(7) هما الحسن والحسين رضي الله عنهم أجمعين.

(8) أي: زوج.

(9) فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(10) المقصود بها هنا: أي حتى يوم القيامة.






وكتب:
عبد الله بن سعيد بن هليل العمر الشمري
26 / محرم / 1440

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيان أن الصحابة كانوا يقولون في تشهد الصلاة (السلام عليك أيها النبي) بصيغة المُخَاطَبة، في حياة النبي ﷺ، وبيان أنهم كانوا يقولون (السلام على النبي) بصيغة: الْغَيْبَةِ، بعد وفاة النبي ﷺ

حَدِيْثُ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ.

خطبة الجمعة (فضل العلم وأهله وفضل النفقة على أهله والحث على طلبه)