السَّبَبُ فِي تَلْقِيب عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، وبيان أنه أول منْ لُقِّب به

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله أما بعد: فقد جاء في السنة ما يدل على سبب تسمية الفاروق عمر رضي الله عنه بأمير المؤمنين:

قال الإمام البخاري: (بَابُ التَّسْلِيمِ عَلَى الْأَمِيرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: لِمَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ يَكْتُبُ: مِنْ أَبِي بَكْرٍ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ، ثُمَّ كَانَ عُمَرُ يَكْتُبُ بَعْدَهُ: مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَلِيفَةِ أَبِي بَكْرٍ، مَنْ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ: أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ: حَدَّثَتْنِي جَدَّتِي الشِّفَاءُ - وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا هُوَ دَخَلَ السُّوقَ دَخَلَ عَلَيْهَا - قَالَتْ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى عَامِلِ الْعِرَاقَيْنِ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِرَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ نَبِيلَيْنِ، أَسْأَلُهُمَا عَنِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِهِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ صَاحِبُ الْعِرَاقَيْنِ بِلَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ، وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، فَقَدِمَا الْمَدِينَةَ فَأَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ، ثُمَّ دَخَلَا الْمَسْجِدَ فَوَجَدَا عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، فَقَالَا لَهُ: يَا عَمْرُو، اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ، فَوَثَبَ عَمْرٌو فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الِاسْمِ يَا ابْنَ الْعَاصِ؟ لَتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْتَ، قَالَ: نَعَمْ، قَدِمَ لَبِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، فَقَالَا لِي: اسْتَأْذِنْ لَنَا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقُلْتُ: أَنْتُمَا وَاللَّهِ أَصَبْتُمَا اسْمَهُ، وَإِنَّهُ الْأَمِيرُ، وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ. فَجَرَى الْكِتَابُ مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ). (الأدب المفرد 1023) ، وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد.

وقَالَ الْحَاكِمُ في مستدركه (4506) : ( وَكَانَ السَّبَبُ فِي تَلْقِيبِهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ : مَا حَدَّثَنَاهُ عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذَ الْعَدْلُ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مِلْحَانَ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَأَلَ أَبَا بَكْرِ بْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ أَبِي خَيْثَمَةَ : لِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يُكْتَبُ مِنْ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ثُمَّ كَانَ عُمَرُ يَكْتُبُ أَوَّلًا مِنْ خَلِيفَةِ أَبِي بَكْرٍ ، فَمَنْ أَوَّلُ مَنْ كَتَبَ مِنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ؟ فَقَالَ : حَدَّثَتْنِي الشِّفَاءُ ، وَكَانَتْ مِنَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَتَبَ إِلَى عَامِلِ الْعِرَاقِ بِأَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ رَجُلَيْنِ جَلْدَيْنِ يَسْأَلُهُمَا عَنِ الْعِرَاقِ وَأَهْلِهِ ، فَبَعَثَ عَامِلُ الْعِرَاقِ بِلَبِيدِ بْنِ رَبِيعَةَ وَعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ ، فَلَمَّا قَدِمَا الْمَدِينَةَ أَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ دَخَلَا الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا هُمَا بِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، فَقَالَا : اسْتَأْذِنْ لَنَا يَا عَمْرُو عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ عَمْرٌو : أَنْتُمَا وَاللهِ أَصَبْتُمَا اسْمَهُ هُوَ الْأَمِيرُ وَنَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ ، فَوَثَبَ عَمْرٌو فَدَخَلَ عَلَى عُمَرَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَقَالَ عُمَرُ : مَا بَدَا لَكَ فِي هَذَا الِاسْمِ يَا ابْنَ الْعَاصِ ، رَبِّي يَعْلَمُ لَتَخْرُجَنَّ مِمَّا قُلْتَ ، قَالَ : إِنَّ لَبِيدَ بْنَ رَبِيعَةَ وَعَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ قَدِمَا فَأَنَاخَا رَاحِلَتَيْهِمَا بِفِنَاءِ الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ دَخَلَا عَلَيَّ فَقَالَا لِي : اسْتَأْذِنْ لَنَا يَا عَمْرُو عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَهُمَا وَاللهِ أَصَابَا اسْمَكَ ، نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَنْتَ أَمِيرُنَا ، قَالَ : فَمَضَى بِهِ الْكِتَابُ مِنْ يَوْمِئِذٍ ، وَكَانَتِ الشِّفَاءُ جَدَّةَ أَبِي بَكْرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ). وصححه الذهبي في التلخيص.

هذا وقد رواه الطبراني في معجمه الكبير (48) ، وابن أبي عاصم في (الآحاد والمثاني)، وابن شبة في (تاريخ المدينة) ، وبعضهم اختصره.

هذا وقد قال ابن سعد في الطبقات الكبرى ج3 ص280: (أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سَعِيدٍ الْجُرَيْرِيِّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ الْحَارِثِيِّ أَنَّهُ وَفْدَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ...) فذكر حديثا طويلا، وفيه قال: (قَالُوا: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقَ كَانَ يُقَالُ لَهُ: خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَاسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قِيلَ لِعُمَرَ: خَلِيفَةُ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم، فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: فَمَنْ جَاءَ بَعْدَ عُمَرَ قِيلَ لَهُ: خَلِيفَةُ خَلِيفَةِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَيَطُولُ هَذَا، وَلَكِنْ أَجْمِعُوا عَلَى اسْمٍ تَدْعُونَ بِهِ الْخَلِيفَةَ يُدْعَ بِهِ مَنْ بَعْدَهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم: نَحْنُ الْمُؤْمِنُونَ وَعُمَرُ أَمِيرُنَا فَدُعِيَ عُمَرُ: أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ سُمِّيَ بِذَلِكَ). الحديث. قلت: الربيع بن زياد الحارثي فيه خلاف في كنيته، ولا أعلم منْ ذكر أن أبا نضرة روى عنه سوى إِسْحَاق بْن راهويه والحافظ عبد الغني المقدسي وابن عساكر، كما في (تهذيب الكمال ج9 ص78 ، ج34 ص183)، وتبعهم مغلطاي بن قليج في (إكمال تهذيب الكمال ج4 ص335). فإن كان أبو نضرة روى عن الربيع الحارثي حقا فالإسناد صحيح.


وأما ما رواه ابن شبة في (تاريخ المدينة): حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُثْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: " لَمَّا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالُوا لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَلِيفَةُ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " إِنَّ هَذَا لَكَثِيرٌ، فَإِذَا مُتُّ أَنَا فَقَامَ رَجُلٌ مَقَامِي قُلْتُمْ: خَلِيفَةُ خَلِيفَةِ خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ، أَنْتُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَنَا أَمِيرُكُمْ. فَهُوَ سَمَّى نَفْسَهُ ". فإسناده فيه جويبر ضعيف جداً. وثانياً: لم يسنده الضحاك.


وكتب
عبد الله الهليل الشمري
ليلة 25 محرم 1442

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيان أن الصحابة كانوا يقولون في تشهد الصلاة (السلام عليك أيها النبي) بصيغة المُخَاطَبة، في حياة النبي ﷺ، وبيان أنهم كانوا يقولون (السلام على النبي) بصيغة: الْغَيْبَةِ، بعد وفاة النبي ﷺ

حَدِيْثُ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ.

خطبة الجمعة (فضل العلم وأهله وفضل النفقة على أهله والحث على طلبه)