خطبة الجمعة (أهل الحديث هم أهل السنة وبيان براءتهم وبراءة الشيخ الألباني من الإرهاب والتكفير بغير حق)
خطبة الجمعة (أهل الحديث هم أهل السنة وبيان براءتهم وبراءة الشيخ الألباني من الإرهاب والتكفير بغير حق)
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ
وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا،
وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ
يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢]
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]
{يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٧٠ – ٧١] أَمَّا بَعْدُ: فإن
خير الكلام كلام الله وخير الهدي هَدْيُ محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور
محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، أما بعد:
فإن الله سبحانه وتعالى في كتابه سمَّى
أولياءه بالمؤمنين، وسماهم المسلمين، وسماهم الصادقين، وسماهم بأسماء أخرى، وهذا
لا يعني الحصر بما ورد في القرآن، بل لهم أسماء أخرى قد ذكرها أهل العلم، فمن
أسمائهم: السلف الصالح، فهم سلف صالح لكل مسلم جاء بعدهم، كما روى الشيخان عَنْ
أُمّ الْمُؤْمِنِيِنَ عَائِشَةَ قَالَتْ في حديث طويل قال رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابنته فاطمة (نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ ). متفق
عليه. فالنبي عليه الصلاة والسلام هو إمام السلف الصالح بالنسبة للأمة المحمدية، وإن
أهل العلم ذكروا أن الانتساب إلى السلف الصالح أو أهل القرآن والسنة، أو أهل السنة
أو أهل الحديث أو أهل الأثر أن ذلك كله لا بأس فيه، بل هو شرف عظيم، لأن كل هذه
الأسماء ترجع إلى شيء واحد وهو: السلف الصالح، وبناء على ذلك يتضح بأن الشيء الواحد
قد يُطلق عليه أسماء عديدة، فمثلاً: النبي صلى الله عليه وسلم له عدة أسماء قد
أخبرنا بها، فقد روى الشيخان عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ لِي أَسْمَاءً؛ أَنَا مُحَمَّدٌ ،
وَأَنَا أَحْمَدُ، وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللهُ بِيَ الْكُفْرَ ،
وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي ، وَأَنَا الْعَاقِبُ
الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ أَحَدٌ) وَقَدْ سَمَّاهُ اللهُ رَءُوفًا رَحِيمًا . متفق
عليه واللفظ لمسلم.
ومن أسمائهم: الجماعة، كما ثبت ذلك في حديث الفرقة
الناجية، وقد ذكر أهل العلم أن تعدد الأسماء يدل على شرف المسمى، واعلموا رحمكم
الله بأن الانتساب للشيء لا يعني بالضرورة أنه صدق، فقد ينتسب المنافقون إلى السلف
الصالح للحصول على مآربهم ورغباتهم الدنيوية، وذلك مثل الخوارج الذين انتسبوا إلى
القرآن وإلى السلف الصالح وهم كذبة فجرة يريدون بذلك إسقاط الدول التي يعادونها،
كما فعلوا مع الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، فاتضح بذلك أن المسميات
لا تغني عن الحقائق شيئاً، فلا يغرنكم أهل الباطل، وانظروا إلى عقائدهم وواقعهم.
عباد الله إذا تيقنتم ذلك فاعلموا بأن الإسلام
الذي جاء به محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي صلى الله عليه وسلم بريء من التكفير
بغير وجه حق، وبريء من الأعمال الإرهابية الجائرة الظالمة، وبناء على ذلك يكون
أتباع السلف الصالح برآء بالضرورة، لأنهم على الإسلام الذي هو دين الله القويم
الذي لا يأمر إلا بكل خير، ولا ينهى إلا عن كل شر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية راداً على بعض
الناس: (لَا عَيْبَ عَلَى مَنْ أَظْهَرَ مَذْهَبَ السَّلَفِ وَانْتَسَبَ إلَيْهِ
وَاعْتَزَى إلَيْهِ بَلْ يَجِبُ قَبُولُ ذَلِكَ مِنْهُ بِالِاتِّفَاقِ. فَإِنَّ مَذْهَبَ
السَّلَفِ لَا يَكُونُ إلَّا حَقًّا. فَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ بَاطِنًا
وَظَاهِرًا: فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُؤْمِنِ الَّذِي هُوَ عَلَى الْحَقِّ
بَاطِنًا وَظَاهِرًا . وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ فِي الظَّاهِرِ فَقَطْ دُونَ
الْبَاطِنِ: فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَافِقِ. فَتُقْبَلُ مِنْهُ عَلَانِيَتُهُ
وَتُوكَلُ سَرِيرَتُهُ إلَى اللَّهِ. فَإِنَّا لَمْ نُؤْمَرْ أَنْ نُنَقِّبَ عَنْ
قُلُوبِ النَّاسِ وَلَا نَشُقَّ بُطُونَهُمْ). (مجموع الفتاوى ج4 ص149). انتهى
كلامه عليه رحمة الله
هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم
ولسائر المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم، وصلى الله على نبيه محمد وسلم.
الخطبة الثانية:
إِنَّ
الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ
بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ
يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا
بَعْدُ: فإن خير الكلام كلام الله وخير الهدي هدي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار،
أما بعد:
فإن أهل الحديث حديث رسول الله صلى الله عليه
وسلم أبرياء من تكفير أهل الإسلام أبرياء من إرهابهم بغير حق، هذا من أوضح
الواضحات لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ
اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ
تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا
سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي
التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ
فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ
مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح 29) فوصفهم الله بأنهم رحماء بينهم،
وقال تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ
مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي
تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}
(التوبة 100)
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن
بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ
سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ
آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر 10)
وخاصة العلماء العاملين منهم، قال تعالى: {إِنَّمَا
يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}
(فاطر 28) فمن أظلم الظلم وأعظم البغي: جعل هؤلاء مع أهل البدع الضالين.
وعلى رأس علماء الحديث في عصره: الشيخ الإمام
مجدد العصر محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً،
الذي خدم دين الله خدمة عظيمة، وخاصة حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، نشراً
وتأليفاً وتنقيحاً، نعم لقد نقح السنة مما ليس فيها، متبعاً بذلك سبيل السلف
الصالح من الصحابة ومن تبعهم بإحسان، وقد شهد له بذلك علماء عصره: كالشيخ ابن باز
رحمه الله، الذي جعله من المجددين في عصره.
والشيخ الألباني هو من أول الرادين على
الجامعات الحزبية الضالة كجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة جهيمان، وغيرهما، وله
مقالات ورسائل في التحذير من التكفير والإرهاب بغير حق، فمن يتهمه فقد افترى عليه،
وقد قال تعالى: ﴿وَالَّذينَ يُؤذونَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ بِغَيرِ مَا
اكتَسَبوا فَقَدِ احتَمَلوا بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾ [الأحزاب: ٥٨]
وقال﴿وَمَن يَكسِب خَطيئَةً أَو إِثمًا ثُمَّ
يَرمِ بِهِ بَريئًا فَقَدِ احتَمَلَ بُهتانًا وَإِثمًا مُبينًا﴾[النساء:
١١٢]
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرَنَا،
وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا ".
وإن مما يجب التنبيه عليه أنه لا أحد معصوم من
الخطأ إلا الأنبياء فيما بلغوه من أمور الدين، وهذا يعني أن الواحد من العلماء قد
يقع في الخطأ، فيناصحه إخوانه.
وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن
تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ
تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا
(النساء 59) وهذا يعني أن الأمة قد تتنازع على بعض الأشياء، فيقع بعضها في الخطأ،
ولكنها لم تُترك هملاً، بل أمرها ربها بالرجوع إلى كلامه وكلام رسوله صلى الله
عليه وسلم وخاصة عند التنازع والاختلاف، وذلك بقوله: { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي
شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، والآيات في هذا
المعنى عديدة.
اللهم كن لمشايخنا واجزهم خير الجزاء عنا وعن
الإسلام والمسلمين، اللهم ارحم من مات منهم ومتعنا بمن بقي منهم، وأطل أعمارهم على
طاعتك، اللهم ارزقنا تعظيم حرمتهم، واجعلنا ممن ينزلهم منزلتهم، ويحترمهم ويتأدب
معهم، اللهم أصلح ولاة أمور المسلمين وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة، واصرف عنهم
بطانة السوء، اللهم وفقهم للعمل بشريعتك وألهمهم رشدهم وقهم شر أنفسهم، اللهم أعنا
على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك اللهم ارزقنا علما نافعا وعملا صالحا متقبلا ورزقا
طيبا مباركا واسعا اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى اللهم إنا نعوذ بك
من النفاق والشقاق وسيء الأخلاق، اللهم إنا نسألك العفو والعافية والمعافاة اللهم
آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وجميع المسلمين، اللهم اغفر
لنا ولوالدينا وجميع المسلمين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد
وعلى آل محمد والحمد لله رب العالمين.
بصيغة pdf:
word:
تعليقات
إرسال تعليق