خطبة الجمعة الأولى (الحث على تعلم النسب لأجل صلة الرحم) الخطبة الثانية: (من فضائل الصلاة على النبي ﷺ)
خطبة الجمعة الأولى (الحث على تعلم النسب لأجل صلة الرحم) الخطبة
الثانية: (من فضائل الصلاة على النبي ﷺ)
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ
وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا،
وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ
يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ
لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: ١٠٢]
{يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ
مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ
بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: ١]
{يَاأَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ
أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: ٧٠ – ٧١] أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ
خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللهِ وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللُه
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الْأُمُوْرِ مُحْدَثَاتِهَا وَكَلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ
وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِيْ النَّارِ، أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَاأَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ
اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات 13)
وَقَالَ تَعَالَى: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ
إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *
أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
(محمد 23)
وَقَالَ تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ
بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عَلِيمٌ} (الأنفال 75) وَقَالَ
تَعَالَى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ
اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى
أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا} (الأحزاب
6)
عَبْدَ اللهِ احْذَر مِنْ قَطِيْعَةِ الرَّحِمِ،
لَا تَقْطَع صِلَةَ الرَّحِم، فَإِنَّ قَاطِعَ الرَّحِم قَدْ قَطَعَهُ اللهُ،
والْعِيَاذُ بِاللهِ، فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ
مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ ، فَقَالَتْ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ
الْقَطِيعَةِ قَالَ : نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ ،
وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ : بَلَى قَالَ : فَذَاكِ لَكِ . ثُمَّ قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْرَؤُوا إِنْ شِئْتُمْ {
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا
أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى
أَبْصَارَهُمْ * أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ
أَقْفَالُهَا }. متفق عليه واللفظ لمسلم.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الرَّحِمَ
شِجْنَةٌ مِنَ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ اللهُ: مَنْ وَصَلَكِ وَصَلْتُهُ وَمَنْ
قَطَعَكِ قَطَعْتُهُ ). رواه البخاري (5988)
عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ
النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَيْسَ الْوَاصِلُ
بِالْمُكَافِئِ ، وَلَكِنِ الْوَاصِلُ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا).
رواه البخاري (5991)
وَوَصْلُ الْأَرْحَامِ هُوَ
الْإِحْسَانُ إِلَى الْأَقَارِبِ فِي الْمَقَالِ وَالْأَفْعَالِ وَبَذْلِ
الْأَمْوَالِ.
عِبَادَ اللهِ، إِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ لا
تَكُونُ إلَّا بِمَعْرِفَةِ الأَقَارِبِ، مِنْ أَجْدَادٍ، وأَعْمَامٍ، وَأَبْنَاءِ
أَعْمَامٍ، وَإخْوانٍ، ولِذَلِكُمْ شَرَعَ اللهُ التَّعَرُّف عَلَى النَّسَبِ، قَالَ
اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ
مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
(الحجرات 13). وَثَبَتَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (تَعَلَّمُوا مِنْ أَنْسَابِكُمْ مَا تَصِلُونَ بِهِ
أَرْحَامَكُمْ ، فَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ مَحَبَّةٌ فِي الْأَهْلِ ، مَثْرَاةٌ
فِي الْمَالِ ، مَنْسَأَةٌ فِي الْأَثَرِ ). وَمَعْنَى قَوْلِهِ: مَنْسَأَةٌ
فِي الْأَثَرِ: يَعْنِي زِيَادَةً فِي الْعُمُرِ.
عِبَادَ اللهِ، تَعَلَّمُوا عِلْمَ
أَنْسَابِكُم لِتَصِلُونَ بِهِ أَرْحَامَكُمْ، كَمَا أَمَرَكُمْ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِلشَّرْعِ حِكَمٌ ومَقَاصِدٌ أُخْرَى
فِيْ حَثِّهِ عَلَى تَعَلُّمِ النَّسَبِ، كَحِفْظِ الْأَنْسَابِ عَنِ
الْاخْتِلَاطِ، هّذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ الْجَلِيْلَ لِي وَلَكُمْ
وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيْمُ،
وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ.
الخطبة الثانية:
إِنَّ
الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ
بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ
يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ
مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَمَّا
بَعْدُ: فَإِنَّ خَيْرَ الْكَلَامِ كَلَامُ اللهِ وَخَيْرَ
الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللُه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّ الْأُمُوْرِ
مُحْدَثَاتِهَا وَكَلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ وَكُلَّ ضَلَالَةٍ
فِيْ النَّارِ، أَمَّا بَعْدُ:
فَقَدْ قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: { إِنَّ
اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
(الأحزاب 56) أَمَرَنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيْهِ
بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ لِعِظَمِهِ عِنْدَهُ، فَيَا عِبَادَ اللهِ صَلُّوا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا، وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّي عَلَيَّ إِلَّا صَلَّتْ عَلَيْهِ
الْمَلَائِكَةُ مَا دَامَ يُصَلِّي عَلَيَّ، فَلْيُقِلَّ الْعَبْدُ أَوْ
لِيُكْثِرْ). عِبَادَ اللهِ، إِنَّ فَضَائِلَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيرةٌ عَظِيْمَةٌ، قَدْ أَلَّفَ أَهْلُ الْعِلْمِ
فِيْهَا مُؤَلَّفَاتٍ عَظِيْمَةٍ، وَمِنْ ذَلِكُمْ كِتَابُ الإِمَامِ ابْنِ
الْقَيِّمِ رَحِمَهُ اللهُ الَّذِي سَمَّاهُ: (جَلَاءُ الْأَفْهَامِ فِيْ فَضْلِ
الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى مُحَمَّدٍ خَيْرِ الْأَنَامِ)
قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيُّ رَحِمَهُ
اللهُ: (وَاعلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ فِيْ الصَّلَاةِ عَلَى سَيِّدِنَا
مُحَمَّدٍ ﷺ عَشْرُ كَرَامَاتٍ: إِحدَاهُنَّ: صَلاةُ المَلِكِ الجَبَّارِ، والثَّانِيَةُ:
شَفَاعَةُ النَّبِيِّ المُختَارِ ﷺ ، والثَّالِثَةُ: الاقتِدَاءُ بالمَلائِكَةِ
الأبرَارِ، والرَّابِعَة: مُخَالفَةُ المُنَافِقِينَ والكُفَّار، والخَامِسَةُ:
مَحْوُ الخَطَايَا والأوْزَارِ، والسَّادِسَة: قَضَاءُ الحَوَائِجِ والأوْطَار، والسَّابِعَة:
تَنْوِيرُ الظَّوَاهِر والأسرَار، والثَّامِنَة: النَّجَاةُ مِنْ عَذابِ دَارِ
البَوَار، والتَّاسِعَة: دُخُولُ دَارِ الرَّاحَةِ والقَرَار، والعَاشِرَة :
سَلامُ المَلِكِ الغَفَّار). (بُستَانُ الوَاعِظِين)
اللهم ارزقنا علوما نافعة وأعمالا صالحة
متقبلة وأرزاقاً طيبة مباركة واسعة، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم إنا نعوذ بك من النفاق والشقاق وسيء الأخلاق، اللهم إنا نسألك العفو
والعافية والمعافاة اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وجميع المسلمين، اللهم اغفر لنا ولوالدينا وجميع المسلمين، اللهم أغثنا غيثا مغيثا
هنيئا مريئا نافعا غير ضار سحا غدقا طبقا مجللا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ
وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ ، وَبَارِكْ عَلَى
مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ فِي
الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
روابط مباشرة للقراءة وتحميل الخطبة:
بصيغة pdf:
word:
تعليقات
إرسال تعليق