[ تلخيص بحث (طرق كشف علة دخول حديث في حديث عند المحدثين) لمجموعة من المختصين، مع دراسة حديث محمد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة، عن أبي المنذر إسماعيل بن عمر، عن ورقاء، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها...) ]

 

 

 [ تلخيص بحث (طرق كشف علة دخول حديث في حديث عند المحدثين) لمجموعة من المختصين، مع دراسة حديث محمد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة، عن أبي المنذر إسماعيل بن عمر، عن ورقاء، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها...) ]

 

تلخيص وإعداد:

عبد الله بن سعيد الهليل الشمري

1444 هـ

                                            

                                             المقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:

فهذا تلخيص لبحث هام في علم العلل، وفيه بابان:

الباب الأول: في تلخيص بحث (طرق كشف علة دخول حديث في حديث عند المحدثين) لمجموعة من المختصين، في جامعات الأردن –حرسها الله تعالى- وهم:

1-  د. معاذ العوايشة.

2-  د. بلال محمود بلال أبو قدوم.

3-  د. عبد الله طه محمد أبو شاور.

والباب الثاني: في دراسة حديث محمد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة، عن أبي المنذر إسماعيل بن عمر، عن ورقاء، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول ...).

 

 

فأقول مستعينا بالله ومتوكلا عليه، وهو حسبي ونعم الوكيل:


 

الباب الأول: تلخيص بحث (طرق كشف علةِ دخول حديث في حديث عند المحدثين) لمجموعة من المختصين:

·       يركز البحث على علة من أهم العلل التي تعل بها الأحاديث لدى علماء النقد، وهي علة: (دخول حديث في حديث)، وتعريفها: (دمج حديثين أو شيء منهما خطأً أو عمدا، لراويين مختلفين على وجه غير صحيح، ليصير حديثا واحدا).

·     تعد هذه العلة واحدة من أدق علل الحديث، فاستعمل لها النقاد من طرق الكشف عن وقوعها ما اتفقت به مع غيرها من العلل، كجمع طرق الحديث الواحد، وتتبع مرويات الراوي، وطرق أخرى خاصة بهذه العلة، كقرينة التعاقب في أصل الشيخ أو المحدث أو غيرها من الطرق.

·     من القرائن الخاصة الدالة على دخول حديث في حديث:

1-  تعاقب الحديثين المتداخلين أو تجاورهما في نسخة المحدث أي: في أصله. وهي من أهم القرائن، إذ يزيغ بصر المحدث أثناء التحديث فيدخل الأحاديث في بعضها، ويصعب معرفة ذلك دون الاطلاع على نسخة المحدث.

2-  وسم النقاد للراوي بإدخاله الأحاديث أو يدخل عليه فيلقن أو السرقة أو التحديث بالأباطيل والمناكير أو القلب أو ما شابه ذلك.

3-  التفرد والمخالفة.

4-  وجود لفظ لأحد النقاد غير مباشر، أو غير صريح، يشعر بإمكان وجود هذه العلة.

·     هذه العلة تقع من الرواة على مختلف مراتبهم، الثقات منهم ومن دونهم. وهذا دليل على أهمية هذه العلة خاصة، وأهمية علم العلل عامة.

 

الباب الثاني: دراسة حديث محمد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة، عن أبي المنذر إسماعيل بن عمر، عن ورقاء، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول ...):

 

أولا:

حديث محمد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة، عن أبي المنذر إسماعيل بن عمر، عن ورقاء، عن سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط ولا بول ...).

التخريج: أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3917 ) وفي الصغير (552) وابن عدي في (الكامل) والدارقطني في سننه (170)، وفي العلل (6/ 116) والخطيب في تاريخه.

قلت: تفرد بروايته بهذا الشكل محمد بن عبد الرحيم المعروف بصاعقة. قال في «تقريب التهذيب» (ص493): «ثقة حافظ روى له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي». انتهى. وقال في «تهذيب التهذيب» (9/ 312): «وقيل له: ‌صاعقة لجودة حفظه، وقيل لغير ذلك». انتهى.

وقد أدخل هذا الإسناد على متن حديث آخر، فهو إدخال حديث على حديث.

وسيأتي الاستدلال من كلام النقاد على ذلك.

 

ثانيا: تحديد المدار الذي وقع عليه الاختلاف والتعريف به:

المدار: ‌سَعدُ ‌بنُ ‌سَعيدِ بنِ قَيسِ بنِ عَمْرٍو الأَنْصارِيُّ، أَخو يَحْيَى، وَعَبدِ رَبِّه. وهو مختلف فيه. نص على أنه هو المدار: ابن عدي .

قال في «تقريب التهذيب» (ص231):

«صدوق سيء الحفظ من الرابعة مات سنة إحدى وأربعين، روى له البخاري تعليقا ومسلم والأربعة». انتهى.

وضعفه أحمد، وقال يحيى بن معين: صالح، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: «‌سعد ‌بن ‌سعيد الأنصاري مؤدى، قال أبو محمد يعني أنه كان لا يحفظ، يؤدى ما سمع». انتهى. «الجرح والتعديل لابن أبي حاتم» (4/ 84).

وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة تقرب من الاستقامة ولا أرى بحديثه بأسا بمقدار ما يرويه، وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان يخطئ. «تهذيب التهذيب» (3/ 470).


 

ثالثا:  الترجيح وجمع كلام النقاد عليه:

الراجح أن هذا الإسناد المذكور ليس لهذا المتن، وإنما هو لمتن (من صام رمضان ثم أتبعه ...)، وقد نص جماعة على ذلك، وفيما يلي عرض لأقوالهم التي وقفت عليها:

قال الطبراني في معجمه الصغير (552): (لَمْ يَرْوِهِ عَنْ سَعْدٍ إِلَّا وَرْقَاءُ ، وَلَا عَنْهُ إِلَّا أَبُو الْمُنْذِرِ . تَفَرَّدَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ). انتهى

وقال الدارقطني في علله « العلل الواردة في الأحاديث النبوية» (6/ 116):

«وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ فِيمَا أَعْلَمُ إلا صاعقة». انتهى

فالخلاصة أنه أدخل هذا الإسناد على هذا المتن، وهذا المتن قال عنه أبو حاتم في «العلل» لابن أبي حاتم (1/ 497 ت الحميد):

«الصَّحيحُ: عَنِ الزُّهْري ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي ‌أيُّوبَ، عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ». انتهى.

هذا هو الإسناد الصحيح لهذا المتن، كما قال أبو حاتم وكما رواه ابن خزيمة في صحيحه، وابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده وأبو داود والترمذي وجماعة آخرون بهذا الشكل. والله الموفق.

وقد تكلم عليه ابن عدي بما يوحي أنه جمع طرق الحديث، وخَلُصَ إلى أن هذا الإسناد (يعني: سعد بن سعيد، عن عمر بن ثابت، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ) لا يعرف إلا في حديث (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ)، الذي رواه مسلم (1164).

حيث قال في «الكامل في ضعفاء الرجال» (5/ 433 ط الرشد):

«حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الشَّعِيرِيُّ، حَدَّثني أَبُو يَحْيى بْنُ عَبد الرحيم صاحب السابري، حَدَّثَنا أَبُو الْمُنْذِرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَر، حَدَّثَنا وَرْقَاءُ عَنْ سَعْدِ بْنِ سَعِيد عَنْ عُمَر بْنِ ثَابِتٍ، عَن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ، قَال: قَال رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِغَائِطٍ، ولَا بَوْلٍ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا.

وَبِإِسْنَادِهِ؛ قَال: قَال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ صَامَ رَمَضَانَ وَأتَبْعَهُ بِسِتٍ مِنْ شوال فَهُوَ صَائِمٌ الدَّهْرَ.

قَالَ الشَّيْخُ: حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ سَعِيد عَنِ عُمَر بْنِ ثَابِتٍ، عَن أَبِي أيوب من صام رمضان فهو مشهور، وَمَدار هذا الحديث عليه قد حدث به عَنه يَحْيى بْن سَعِيد أخوه، وشُعبة والثوري، وابن عُيَينة وغيرهم من ثقات الناس وحديث ورقاء عن سعد بْنِ سَعِيد عَنْ عُمَر بْنِ ثابت، عَن أبي أيوب، عَن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسلَّمَ: لَا تستقبلوا القبلة فهو غريب غريب هذا المتن بهذا الإسناد لأن بهذا الإسناد لا يعرف إلَاّ من صام رمضان.

وفي حديث ورقاء قد جمع بين المتنين لا تستقبلوا القبلة، وَهو غريب، ومَنْ صام رمضان، وَهو مشهور» انتهى.

 

فهذا المثال من أوضح الأدلة على أن هذه العلة تقع من الرواة على اختلاف مراتبهم من حيث القوة والضعف، وأنها من أصعب العلل، كما تدل على صعوبة علم العلل ودقته. كما سبق في التلخيص، والله أعلم.

 رابط البحث بصيغة pdf:

https://t.me/ALHLYL/1037



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بيان أن الصحابة كانوا يقولون في تشهد الصلاة (السلام عليك أيها النبي) بصيغة المُخَاطَبة، في حياة النبي ﷺ، وبيان أنهم كانوا يقولون (السلام على النبي) بصيغة: الْغَيْبَةِ، بعد وفاة النبي ﷺ

حَدِيْثُ أَنَسٍ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ الثُّفْلُ.

خطبة الجمعة (فضل العلم وأهله وفضل النفقة على أهله والحث على طلبه)