[ تلخيص بحث (تعليل حديث الراوي إذا جاء عنه ما يخالفه)، للشيخ الدكتور محمد بن عمر بازمول، والتطبيق على حديث هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ ]
﷽
[ تلخيص بحث (تعليل حديث الراوي إذا جاء عنه ما
يخالفه)، للشيخ الدكتور محمد بن عمر بازمول، والتطبيق على حديث هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا
أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ ، فَلَهُ
نِصْفُ أَجْرِهِ ]
إعداد:
عبد الله بن سعيد الهليل الشمري
1444 ه
الحمد لله
والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فهذا التلخيص
فيه بابان، الأول: في تلخيص بحث (تعليل حديث الراوي إذا جاء عنه ما يخالفه)، للشيخ
الدكتور محمد بن عمر بازمول.
والباب
الثاني: في التطبيق على حديث هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أبي
هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَنْفَقَتِ
الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ ، فَلَهُ
نِصْفُ أَجْرِهِ، فأقول مستعينا بالله ومتوكلا عليه، وهو حسبي
ونعم الوكيل:
الباب الأول: تلخيص
بحث (تعليل حديث الراوي إذا جاء عنه ما يخالفه)، للشيخ الدكتور محمد بن عمر بازمول:
· انتهت الدراسة إلى أنه لا معارضة بين هذه
القواعد في علم علل الحديث، وهي: (يضعف حديث الراوي إذا جاء عنه ما يخالفه)،
وقاعدة: (العبرة بما رواه الراوي لا برأيه)، وقاعدة: (الراوي أدرى بمرويه).
·
الحديث إذا جاء بسند صحيح من طريق الراوي الذي
ثبت عنه ما يخالف الحديث، فإما أنْ يمكن حمل مخالفته على التفسير منه لمرويه، وإما
أن لا يمكن. فإنْ أمكن حمل مخالفته على التفسير قبل ذلك، ولم تقدح مخالفته في
الحديث، وكان الراوي أدرى بمرويه. وإن لم يمكن حمل المخالفة على التفسير منه
للحديث، فهنا لا عبرة بمخالفة الراوي بل العبرة برواية الراوي، إذْ إحسان الظن
بالراوي يحملنا على أن نقول: إن الراوي اجتهد وتأول، أو طرأ سبب جعله يترك العمل
بالحديث، فلا يترك الحديث بمجرد ذلك.
فإن
كان الحديث مرويا بسند فيه ضعف، ثم جاء عن أحد رواته ما يخالفه، فهنا تجعل مخالفة
الراوي للحديث دليلا على ضعف الحديث.
·
تطبيق القاعدة في تضعيف الحديث إنما يكون مع
أسباب أخرى، فهي لا تستقل بالتضعيف. مع ملاحظة أن الضعف إنما هو للسند الذي جاء به
الحديث من طريق هذا الراوي الذي ثبت عنه ما يخالف الحديث ولا يضعف الحديث من طرقه
الأخرى.
وهذه
الملاحظة من أهم الفروق بين منهج المحدثين والفقهاء في تطبيق هذه القاعدة.
·
الدراسة المتأنية أظهرت حصول تداخل في تطبيق هذه
القاعدة على أفراد من الأحاديث، مما لم يسلم معه تضعيف الأحاديث بها في جميع
المواضع.
· معنى هذه القاعدة (يضعف الحديث
إذا ثبت عن راويه ما يخالفه) هو: أن وجود الحديث من طريق راوٍ عرف عنه من رأيه ما
يخالف هذا المروي من طريقه يشعر بأن الحديث المرفوع المروي من طريقه لا يصح عنه. على
أصل: أن الراوي لا يخالف مرويه.
·
هذه القاعدة في الراوي مطلقا سواء كان صحابيا أم
لا.
·
تضعيف الحديث بهذه القاعدة خاص بالسند الذي جاء
عن راو عرف عنه ما يخالف الحديث المروي من طريقه. بمعنى: أن التضعيف بهذه القاعدة
لا يعني ضعف الحديث من أصله، في جميع طرقه ومخارجه.
·
قد تقع مخالفة الراوي لمرويه الثابت عنه فهنا
العبرة برواية الراوي دون رأيه إذ قد تقع هذه المخالفة لأسباب طارئة، لا تمنع
تصحيح الحديث من طريقه والعمل به.
وهذا
التقرير يفيد أن ورود رواية ما عن راو، عرف عنه خلافها، يشعر بوجود علة في سند
الحديث عنه، فإن وجدت العلة وضعف الحديث من طريقه فبها، وإلا فالعبرة بما روى لا
بما رأى.
وبناء عليه: فإن التعليل بهذه القاعدة إنما يكون
ضمن علل أخرى في السند أو في المتن يضعف بها الحديث، لا على سبيل الاستقلال، ولذلك
إذا صح السند وحصلت مخالفة راويه له لم يلتفت إلى هذه المخالفة ولم يضعف الحديث
بها وتكون العبرة برواية الراوي لا برأيه.
وهذا مأخوذ بالفهم من عمل أئمة الجرح والتعديل
الذين أعلوا بهذه القاعدة.
وقد ذكر ابن رجب في شرح علل الترمذي، أن الإمام
أحمد وأكثر الحفاظ ضعفوا أحاديث كثيرة بمثل هذه القاعدة.
مثل ابن معين والبخاري ومسلم وابن حجر.
·
من الأسباب الطارئة التي تمنع من تطبيق هذه
القاعدة، أي: من الحكم بتضعيف الحديث الذي خالفه راويه، ما يلي:
1- احتمال نسيان
الراوي لحديثه.
2- احتمال أن لا يحضره
وقت الفتيا أو العمل.
3- احتمال أن لا
يتفطن لدلالة الحديث.
4- احتمال أن يتأول
الحديث تأويلا مرجوحا، لمعارضٍ قام في ظنه.
5- احتمال أن يكون قد
قلد غيره في فتواه بخلاف الحديث، لاعتقاده أن من قلده أعلم منه، وأنه إنما خالف
الحديث لما هو أقوى منه.
6- احتمال أن مخالفته
للحديث، كانت قبل بلوغ الحديث إليه، لا بعده.
ولو قدِّر انتفاء
ذلك كله -ولا سبيل إلى العلم بانتفائه، لا غلبة الظن بذلك- لم يكن الراوي معصوماً،
فتكون العبرة بما روى –إذا صح وثبت- لا بما رأى ؛ لأنه إذا صح الحديث عن النبي صلى
الله عليه وسلم ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم نسخه فإن الفرض على الأمة : الأخذ
بحديثه صلى الله عليه وسلم وترك كل ما خالفه ، ولا نترك حديثه صلى الله عليه وسلم
لخلاف أحد من الناس كائنا من كان، لا راويه ولا غيره.
·
لا يلزم من تركنا الاعتبار بمخالفة راوي الحديث
القدح في عدالته والطعن في ديانته لأن تلك الأسباب ترفع عنه الملام، وحسن الظن
يؤكد ذلك، ولأن العدالة لا تسقط إلا بغلبة سيئات الراوي على حسناته، ومن خالف
حديثا واحدا مع تلك الأسباب لا يحصل له ذلك.
·
من المقرر أن كثيراً من العلل التي يعل بها
المحدثون لا تجري على أصول الفقهاء.
·
الخلاف بين المحدثين والفقهاء في باب العلل إنما
هو في تحقيق المناط، لا في العلة من حيث هي.
·
في هذه القاعدة اتفق المحدثون والفقهاء على
تعليل الحديث بمخالفة راويه له ، واختلفوا في محل العلة وأثرها وحقيقة المخالفة
المعتبرة ومنهج التعليل، حيث أن الفقهاء والأصوليين لهم كلام متشعب متداخل في
تضعيف الحديث بمخالفة راويه له، فمن كلامهم نخلص إلى ما يلي:
-
ذهب الحنفية إلى أمرين: الأمر الأول: أن العبرة
بمخالفة الراوي إذا كانت مخالفته بيقين لنص غير قابل للتأويل ، إذا علم أن مخالفته
بعد روايته، فيسقط العمل بالحديث ، عن طريقه، وعن طريق غيره، وذلك لأن الحال في
هذه المخالفة، لا يخلو من إحدى الحالات التالية:
1- أن تكون مخالفته
للحديث عمداً على وجه قلة المبالاة، والتهاون بالحديث، فيصير به فاسقاً، لا تقبل
روايته أصلا.
2- أو تكون الرواية
منه تقوّلاً، لا عن سماع، فيكون واجب الرد، لأنه بها يكون فاسقا.
3- أو يكون ذلك منه
عن غفلة ونسيان، وشهادة المغفل لا تكون حجة فكذلك خبره.
4- أو يكون ذلك منه
على أنه علم نسخ حكم الحديث.
والحال الرابعة
أحسنها، فيجب الحمل عليها تحسينا للظن بالراوي، فيكون روى الحديث من أجل إبقاء
سلسلة السند، والرواية، وعلم أنه منسوخ فأفتى بخلافه، أو عمل بالناسخ دون المنسوخ.
-
الأمر الثاني: أن العبرة بما رواه الراوي لا بمخالفته في
الأحوال التالية:
1- إذا كانت مخالفته
من باب حمل الظاهر على غير ظاهره.
2- أو كانت مخالفته
من باب تفسير المجمل.
3- أو لم يعلم
تاريخها.
4- أو وقعت قبل
روايته.
-
خلص الباحث إلى أن المراد بالراوي عند الحنفية
هو: الصحابي، لا غيره، لأن قياس غيره من رواة الحديث عليه قياس مع الفارق، إذ
الرواة ليس لهم إلا الرواية ، ولا علم لهم بالقرائن والسماع ! ، بخلاف الصحابي فله
المشاهدة والسماع، وبهما العبرة كما يزعمون.
قال الباحث مؤكدا
ذلك: ويؤكد هذا أيضا: أن الأصل عند أبي حنيفة رحمه الله، أن ما جاء عن الصحابة
فعلى الرأس والعين، وما جاء عن التابعين، قال: فهم رجال ونحن رجال !.
-
ذهب المالكية إلى أن مذهب الصحابي مقدم على الحديث الذي
يرويه. وذهبوا إلى أنه إذا كانت مخالفة الصحابي لما يرويه من باب حمل الظاهر على
غيره، مما لا يمكن أن يدرك إلا بشواهد الأحوال والقرائن المقتضية لذلك، وليس
للاجتهاد مساغ في ذلك ؛ اتبع قوله. وإنْ كان صرفه عن ظاهره يمكن أن يكون لضرب من
الاجتهاد تعيّن الرجوع إلى ظاهر الخبر، لاحتمال أن لا يكون اجتهاده مطابقا لما في
الأمر نفسه، فلا يترك الظاهر المحتمل.
وظاهر النقل عندهم
أن المسألة مفروضة في الصحابي لا غيره، وصرح به القرافي من المالكية، معللا ذلك
بأنه يحسن أن يقال عنه: هو أعلم بمراد المتكلم، أما مثل مالك ومخالفته لحديث بيع
الخيار الذي رواه وغيره من الأحاديث فلا يندرج في هذه المسألة ؛ لأنه لم يباشر
المتكلم حتى يحسن أن يقال فيه: لعله شاهد من القرائن الحالية، أو المقالية ما
يقتضي مخالفته ، فلا تكون المسألة على عمومها.
-
ذهب الشافعية إلى ما يلي:
أولا: أن العبرة عندهم برأي الراوي لا بروايته، إذا
كانت مخالفته من باب تفسير المجمل ؛ لأن الراوي أدرى بمرويه ، إلا أن يقوم دليل
على مخالفته فالحكم للدليل.
ثانيا: أن العبرة بما رواه الراوي لا بما رآه في
الحالات التالية:
1- إذا كانت مخالفته
من باب حمل الظاهر على غيره.
2- إذا كانت مخالفته
من باب تخصيص العام.
3- إذا كانت مخالفته
من باب ترك العمل بالنص.
والمقصود بالراوي عندهم: الصحابي، كما نص عليه
بعضهم، وبعضهم أطلق.
-
ذهب الحنابلة إلى ما يلي:
أولا: العبرة عندهم بما رأى لا بما روى في الحالات
التالية:
1- إذا كانت مخالفته
من باب تفسير المجمل، فتفسيره أولى من غيره، لأنه حضر التنزيل وعرف التأويل وهم
أعرف بمراد الرسول صلى الله عليه وسلم لكونهم معه وبحضرته فيجب الرجوع إلى تفسيره.
2- إذا كانت مخالفته
من باب تخصيص العام. فإن قيل: قول الصحابي حجة، قبل، وإلا فلا، عند الأكثرين.
ثانياً: العبرة عندهم بما رواه الراوي لا بما رآه في
الحالات التالية:
1- إذا كانت مخالفته
لنص.
2- إذا كانت مخالفته
لظاهر.
3- إذا كانت مخالفته
تخصيصا، وقلنا: قوله ليس بحجة، وعليه الأكثرون.
والمسألة مفروضة عندهم في الصحابي، أما التابعي،
ففيه روايتان، الأولى: يقبل، لأنه أقرب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والثانية:
لا يقبل ؛ لأنه غير شاهد للحال، فصار هو وغيره من الفقهاء سواء، وهذا الخلاف في
التابعي خاص بمسألة تفسير التابعي للمجمل.
-
يرى ابن حزم من الظاهرية: أن يؤخذ بما رواه لا
بما رآه من فعله أو فتياه.
-
واختار الغزالي أنه إن أمكن حمل مذهبه على تقدمه
على الرواية أو على نسيانه فعل ذلك جمعا بين قبول الحديث وإحسان الظن. وإنْ نقل
مقيدا أنه يخالف الحديث مع علمه فالحديث متروك. ولو نقل مذهبه مطلقا فلا يترك
لاحتمال النسيان. ويرى ترجيح حديث يوافق مذهب راويه.
·
من أبرز الفروق بين المحدثين والأصوليين
والفقهاء: أن المحدثين يعلون بهذه القاعدة ضمن علل أخرى لا على الاستقلال. وأما
الفقهاء فيعلون بها على الاستقلال.
الباب الثاني: التطبيق على حديث عَنْ هَمَّامِ
بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ
أَمْرِهِ ، فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ .
عَنْ هَمَّامِ بْنِ
مُنَبِّهٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ
زَوْجِهَا مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ ، فَلَهُ نِصْفُ أَجْرِهِ .
أولا: جمع الطرق:
أخرجه البخاري (3 / 8
و 6 / 292) ومسلم (3 / 91) وأبو داود (1 / 267) وأحمد (2 / 316) وعبد الرزاق (7272)
من طريق همام بْنِ مُنَبِّهٍ عَنْ أبي هُرَيْرَةَ ، إلا أن أبا داود قال: "
فلها نصف أجره " بدل "فله".
ورواه البخاري عَنِ
الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بلفظ: (... وَمَا
أَنْفَقَتْ مِنْ نَفَقَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّى إِلَيْهِ
شَطْرُهُ...).
وقد جاء
عنه ما يخالف حديثه المرفوع حيث أفتى بخلافه،
رواه أبو داود (1688) فقال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَوَّارٍ الْمِصْرِيُّ ،
نَا عَبْدَةُ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي
الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا قَالَ : ( لَا إِلَّا مِنْ قُوتِهَا
، وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا ، وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ
زَوْجِهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ)، قَالَ أَبُو دَاوُدَ : هَذَا يُضَعِّفُ حَدِيثَ
هَمَّامٍ .
ثانيا: تحديد المدار الذي وقع عليه الاختلاف
والتعريف به:
يدور الحديث الأول
على همام بْنِ مُنَبِّهٍ، وهو: هَمّامُ بْنُ مُنَبِّهٍ بن كامل ، أَخُو وَهْبِ
بْنِ مُنَبِّهٍ، الصَّنْعانِيُّ، مِنْ أَبْناءِ فارِسَ، وكان أكبر من أخيه يكنى أبا
عقبة سمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَمُعاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيانَ وابن عباس. رَوَى
عَنْهُ وهب بن منبه ومَعْمَرٌ وعقيل بن معقل.
«التاريخ الكبير»
للبخاري (10/ 162 ت الدباسي والنحال)
«الجرح والتعديل لابن
أبي حاتم» (9/ 107)
وقال الحافظ في «تقريب
التهذيب» (ص574):
«ثقة من الرابعة مات
سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، روى له الجماعة».
والحديث الثاني من
طريق الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وهو: عَبدُ الرَّحمنِ
بنُ هُرمُزَ، أَبو داوُدَ، الأَعرجُ، المدَنيُّ، موْلى بَني المُطَّلِبِ .
سَمعَ أبَا هُريْرةَ،
وابنَ بُحَينَةَ وأبا سعيد.
سَمعَ منهُ
الزُّهْريُّ، وأَبُو الزِّنادِ ويحيى بن سعيد الأنصاري ومحمد بن يحيى ابن حبان
وغيرهم
«التاريخ الكبير» للبخاري
(6/ 466 ت الدباسي والنحال)
«الجرح والتعديل لابن
أبي حاتم» (5/ 297):
وقال الحافظ في «تقريب
التهذيب» (ص352):
«ثقة ثبت عالم من
الثالثة مات سنة سبع عشرة روى له الجماعة». انتهى.
والحديث الثالث رواه
أبو داود (1688) عن شيخه مُحَمَّد بْن سَوَّارٍ الْمِصْرِيّ ، عن عَبْدَة ، عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ بن أبي رباح ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ موقوفا. ثم
قَالَ أَبُو دَاوُدَ : هَذَا يُضَعِّفُ حَدِيثَ هَمَّامٍ .
بينما هذا الحديث
الذي أعل به أبو داود الحديث المتفق عليه، فيه ما يلي:
فيه عبد الملك بن أبي
سليمان ميسرة العرزمي بفتح المهملة وسكون الراء وبالزاي المفتوحة ، صدوق، روى ابن
أبي حاتم في «الجرح والتعديل » (1/ 146) بإسناده عن: «أمية قال قلت لشعبة مالك لا
تحدث عن عبد الملك بن أبي سليمان؟ قال تركت حديثه، قال قلت تحدث عن فلان وتدع
عبد الملك بن أبي سليمان؟ قال: تركته، قلت أنه كان حسن الحديث، قال: من حسنها
فررت».
وقال الحافظ «تقريب
التهذيب» (ص363): « صدوق له أوهام من الخامسة مات سنة خمس وأربعين روى له البخاري
تعليقا ومسلم والأربعة».
وقرر الذهبي في
الميزان: أنه تكلم فيه لا حجة. وقال في «ميزان الاعتدال» (2/ 656):
«أحد الثقات
المشهورين.
تكلم فيه شعبة لتفرده
عن عطاء بخبر الشفعة للجار، وهر كوفي، اسم أبيه ميسرة.
قال وكيع: سمعت شعبة
يقول: لو روى عبد الملك حديثاً آخر مثل حديث الشفعة لطرحت حديثه.
وقال أبو قدامة
السرخسي: سمعت يحيى القطان يقول: لو روى عبد الملك حديثاً آخر كحديث الشفعة لتركت
حديثه.
وروى أحمد بن أبي
مريم عن يحيى: ثقة.
وكذا روى عثمان بن
سعيد عنه.
أحمد بن عبد الملك
الحراني أبويحيى، حدثنا زهير، قرأت على عبد الملك بن أبي سليمان، وقرأه على
أبي الزبير، عن جابر، قال: كنا نعفى السبال إلا في الحج والعمرة.
وقال سفيان الثوري:
حدثنا الميزان عبد الملك بن أبي سليمان.
وقال أحمد: حديثه في
الشفعة منكر، وهو ثقة». انتهى.
وفيه أيضا: شيخ أبي
داود: محمد بن سوار الكوفي:
قال في «الجرح
والتعديل لابن أبي حاتم» (7/ 284):
«محمد بن سوار
الكوفي نزيل مصر روى عن عبد الرحمن المحاربي وعبدة بن سليمان وأبى خالد الاحمر
ومحمد بن فضيل سمع منه أبي بمصر في الرحلة الثانية، نا عبد الرحمن قال سئل أبي عنه
فقال صدوق».
وقال الحافظ في «تقريب
التهذيب» (ص482):
«صدوق يغرب من صغار
العاشرة مات سنة ثمان وأربعين، روى له أبو داود».
ثالثا: نوع الاختلاف على المدار:
رواه همام بن منبه
والأعرج عن أبي هريرة مرفوعا.
وخالفهم عبد الملك بن
أبي سليمان فرواه عن عطاء عن أبي هريرة موقوفا، وأما كون الموقوف بلفظ مختلف
فهذا لا دخل للاختلاف على المدار فيه.
رابعا: الترجيح وجمع كلام النقاد عليه:
إذا لم يمكن الجمع فترجح
رواية الصحيحين. لكن الجمع ممكن:
قال في (عون
المعبود): (حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ
حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَوِيٌّ مُتَّصِلُ الْإِسْنَادِ ، اتَّفَقَ الشَّيْخَانِ عَلَى
إِخْرَاجِهِ ، لَيْسَ فِيهِ عِلَّةٌ فَكَيْفَ يُضَعِّفُهُ حَدِيثُ أَبِي
هُرَيْرَةَ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ الَّذِي هُوَ مَوْقُوفٌ ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا
مُمْكِنٌ بِمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ، وَتَقَدَّمَ
بَيَانُهُ ، وَهُوَ أَنَّهَا إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ غَيْرِ إِذْنِ
صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنَ الْعُرْفِ ، فَلَا يَحِلُّ لَهَا وَلَا أَجْرَ لَهَا
بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ ، هَذَا مَعْنَى رِوَايَتِهِ الْمَوْقُوفَةِ وَيَحْصُلُ
لَهَا نِصْفُ الْأَجْرِ إِنْ كَانَ التَّصَدُّقُ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ
فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ ، وَيَكُونُ مَعَهَا إِذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ
مُتَنَاوِلٌ لِهَذَا الْقَدْرِ وَغَيْرِهِ ، وَهَذَا مَعْنَى رِوَايَتِهِ
الْمَرْفُوعَةِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . كَذَا فِي غَايَةِ الْمَقْصُودِ ). انتهى
وقال في «بذل المجهود
في حل سنن أبي داود» (6/ 554):
«دعوى المخالفة بين
فتوى أبي هريرة والحديث المرفوع له غير مسلم؛ فإنه يمكن أن يحمل قوله في الحديث
المرفوع: "من غير أمره" أي من غير أمره الصريح، وبإذنه دلالة وعرفًا،
ومعنى قوله في فتواه: "إلَّا بإذنه" أي: سواء كان إذنه صراحة أو دلالة
فحينئذ لا اختلاف بينهما، والله تعالى أعلم». انتهى
وقال في «فتح الباري
لابن حجر» (4/ 301):
«ثُمَّ أَوْرَدَ
حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ بِلَفْظِ إِذَا أَنْفَقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ
كَسْبِ زَوْجِهَا عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ وَفِيهِ رَدٌّ
عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ فِيمَا أَذِنَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَالْأَوْلَى أَنْ
يُحْمَلَ عَلَى مَا إِذَا أَنْفَقَتْ مِنَ الَّذِي يَخُصُّهَا بِهِ إِذَا
تَصَدَّقَتْ بِهِ بِغَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ كَوْنُهُ مِنْ
كَسْبِهِ فَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ وَكَوْنُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ
أَذِنَ لَهَا بِطَرِيقِ الْإِجْمَالِ لَكِنَّ الْمَنْفِيَّ مَا كَانَ بِطَرِيقِ
التَّفْصِيلِ وَلَا بُدَّ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى أَحَدِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ
وَإِلَّا فَحَيْثُ كَانَ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ لَا إِجْمَالًا وَلَا
تَفْصِيلًا فَهِيَ مَا زورة بِذَلِكَ لَا مَأْجُورَةٌ وَقَدْ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ
عَن بن عُمَرَ عِنْدَ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِ ...» انتهى
ويُلاحَظ هنا
أن أهل العلم لم يقبلوا إعلال الحديث بهذه القاعدة على الاستقلال، وقرروا صحة
الحديث وثبوته، ووفّقوا بين المخالفة الظاهرة بين فتواه وبين حديثه المرفوع.
وقد فهموا
كلام أبي داود على أنه إعلال للحديث، بينما فسره الحافظ ابن حجر بتفسير آخر حيث
قال في «فتح الباري » (9/ 297):
«وَمُرَادُهُ
أَنَّهُ يُضَعِّفُ حَمْلَهُ عَلَى التَّعْمِيمِ، أَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا
بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ هَذَا الثَّانِي فَلَا». انتهى
ورجح
الدكتور محمد بن عمر بازمول في كتابه المذكور أعلاه: ما ذكره شراح أبي داود، فالله
أعلم.
رابط البحث بصيغة pdf:
رابط بصيغة وورد:
تعليقات
إرسال تعليق