[استحالة السلامة من الناس]
﷽
[استحالة السلامة من الناس]
روى الخطيب البغدادي (المتوفى سنة 463 هـ) رحمه الله بإسناده، عن أَبي جَعْفَر الهروي، قَالَ: كنت مَعَ حاتم (الأصم) كر وَقد أراد الحج، فلما وَصل إِلَى بَغْدَاد قَالَ لي: يا أبا جَعْفَر أحب أن ألقى أَحْمَد بْن حَنْبَل، فسألنا عَنْ منزله، وَمضينا إليه، فطرقت عَلَيْهِ الباب، فلما خرج، قلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ، أخوك حاتم، قَالَ: فسلم عَلَيْهِ وَرحب به، وَقَالَ له بعد بشاشته به أَخْبَرنِي يا حاتم فيم التخلص من الناس؟ قَالَ: يا أَحْمَد فِي ثلاث خصال، قَالَ: وَما هي؟ قَالَ: (أن تعطيهم مَالك وَلا تأخذ من مالهم شيئاً، قَالَ: وَتقضي حقوقهم وَلا تستقضي أحدا منهم حقا لك، قَالَ: وَتحتمل مكروههم وَلا تُكره أحداً على شيء)، قَالَ: فأطرق أَحْمَد ينكت بأصبعه على الأرض، ثُمَّ رفع رأسه، ثُمَّ قَالَ: يا حاتم إنها لشديدة، فَقَالَ له حاتم: (وَليتك تسلم، وَليتك تسلم، وَليتك تسلم). (تاريخ بغداد ج9 ص149)
وقال أبو محمد ابن حزم (ت ٤٥٦ هجري) رحمه الله:
(مَنْ قَدَّرَ أنه يسلمُ منْ طعنِ الناس وعيبهم فهو مجنون !).
من كتابه: [الأخلاق والسير في مداواة النفوس، ص ٢٢، بتحقيق طارق بن عبد الواحد]
قلت: ولله در القائل:
وَلَسْتُ بِنَاجٍ مِنْ مَقالةِ طَاعِنٍ ... ولو كنتُ في غارٍ على جبلٍ وَعِر
ومنْ ذا الذي ينجو منَ الناس سالماً ... ولو غاب عنهم بين خَافِيَتَيْ نَسْر
والقائل:
وقد علمتُ أنني لا أسلمُ ... من جاهلٍ معاندٍ لا يعلمُ
تعليقات
إرسال تعليق